الــجــامــعــة

جامعة تلمسان تحتفل بذكرى تأسيسها

50 سنة من العطاء والتميز، إنجازات تواكب مسيرة النهوض والتنمية

منذ تأسيسها قبل أكثر من 50 عاما، تعمل جامعة تلمسان على تقديم تعليم نوعي متميز يتماشى ومتطلبات العصر والرقمنة، وتمكنت خلال هذه المسيرة الحافلة من رفد مختلفة قطاعات الدولة بالكوادر الوطنية التي تقود مسيرة النهوض، إلى جانب مساهمتها في تعزيز البحث والابتكار والتوجه نحو اقتصاد العلم والمعرفة وفقا لتوجهات ورؤية الجزائر التعليمية.

تأسست جامعة أبي بكر بلقايد لولاية تلمسان نتيجة لتطور طويل الأمد، فخلال الفترة الممتدة ما بين 1974/1980 ، كان المركز الجامعي يقدم إمكانية مواصلة التعليم العالي في الجذوع المشتركة للعلوم الدقيقة والبيولوجيا فقط، ثم تطور التعليم بعد ذلك ليصبح أكثر تشعبا وليغطي مع مرور السنوات مختلف الاختصاصات، معطيا بذلك الفرصة للطالب لمتابعة كل دراساته الجامعية بتلمسان، ليتوسع هذا التعليم تدريجيا ليشمل قطاعات جديدة مغطيا بذلك سنة بعد سنة سلسلة من الأدوار التكوينية ومعطيا الطلاب الفرصة لمتابعة جميع أطوار دراستهم والتخرج بتلمسان، زيادة على وضع أسس التعليم الجامعي بتلمسان الأمر الذي لم يكن هينا نظرا للظروف الصعبة.

 

مسار الجامعة كرونولوجيا

ويمكن حساب تخرج أول دفعات في العلوم الاجتماعية والإنسانية باللغة الوطنية لصالح المركز الجامعي سابقا، ابتداء من جوان 1984، وفي أوت 1984 تم وضع الخارطة الجامعية الجديدة، وبالتالي تأسيس المعاهد الوطنية للتعليم العالي الأمر الذي نتج عنه من جهة السماح لبعض الشعب التي كانت تمثل أقسام بسيطة من أن تأخذ شكل معاهد، ومن جهة أخرى ظهور شعب جديدة، وتميزت هذه المرحلة أيضا بإضافة التعليم من المستوى الخامس بشهادة الدراسات الجامعية التطبيقي، وكذا بجعل ما بعد التدرج في كل الشعب للمرة الأولى على مستوى تلمسان، وأخيرا بافتتاح ما بعد التدرج للمرة الثانية ابتداء من سنة 1991-1992، ومن خلال هذه السنوات الـ15 من التكوين، ولدت جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان كيان جديد غنية بفترة النضج هذه ومنفتحة على التحديات الجديدة.

 

خارطة طريق بحثية طموحة

وتمتلك الجامعة اليوم 8 كليات موزعة على 5 أقطاب: هي قطب إمامة، قطب شتوان، قطب الكيفان، قطب الطريق الجانبي الذي يعرف أيضا بالقطب الجديد وقطب ثكنة الميلود، والتي تضاف إليهم ملحقة مغنية.

وتلتزم جامعة تلمسان اليوم في أداء رسالتها بأرقى المعايير العالمية، حتى تضمن جودة التعليم المقدم وتعتمد في ذلك على عدة استراتيجيات هامة، من بينها الاهتمام بما يعرف بالتصنيف الدولي للجامعات والاعتمادات الأكاديمية الدولية للكليات والبرامج وكلا الإستراتيجيتين تلزمان جامعة تلمسان، باعتماد معايير دقيقة تتعلق بالبرامج الأكاديمية ذاتها من حيث مواكبتها للجديد وملاءمتها لسوق العمل، وأيضا تهتمان بطرائق التدريس والمناهج المستخدمة، حتى تصل العملية التعليمية لمبتغاها، ويشير التوسع الأكاديمي الذي تشهد الجامعة إلى قدرتها على الاستجابة السريعة للاحتياجات الوطنية ومواكبتها للتطورات الأكاديمية على الساحة العالمية.

وتقدم الكليات عشرات البرامج في مرحلة البكالوريوس، إلى جانب عشرات البرامج موزعة على دراسات عليا ما بين ماجستير ودكتوراه وشهادة الدراسات العليا في كافة المجالات والتخصصات، وعلى الصعيد البحثي واصلت جامعة تلمسان جهودها في الاستثمار في مشروعات ودراسات بحثية تخدم المجتمع والمساهمة في إحداث تغيير على مستوى عالمي، حيث تضم الجامعة حاليا عددا كبيرا من المراكز البحثية التي تساهم في تحقيق رسالة الجامعة في خدمة البحث العلمي والدراسات العليا وفق برنامج الأولويات الوطنية البحثية

وفي ضوء هذه البنية البحثية، أطلقت الجامعة خارطة طريق بحثية طموحة تتضمن أولويات التنمية الوطنية وعددا من النجاحات البحثية المهمة ذات الأهمية العالمية، حيث تمكنت خلال السنوات الأخيرة من نشر أكثر من ألف بحث في مجلات علمية محكمة تغطي مجالات بحثية علمية مختلفة تتماشى ومتطلبات العصر. وتشجع جامعة تلسمان طلبتها وأعضاء هيئة التدريس على الانخراط بشكل فعال في الأنشطة البحثية، حيث يعتبر إعداد وتطوير أبحاث متميزة وذات جودة من بين الأهداف الإستراتيجية للجامعة.

حضور متفرد لعدد من رؤساء الجامعات بالغرب

وإحياء للذكرى الخمسين لتأسيسها، تزينت كلية الطب وسط تلمسان لاستقبال جموعاً كبيرة من الأكاديميين والباحثين والطلبة، يتقدمهم والي تلمسان ورئيس جامعة تلمسان وعددا من رؤساء الجامعات بالغرب، إضافة إلى أساتذة وباحثين من مختلف الجامعات الدولية تتويجاً لمسيرة علمية متميزة وتتويجًا لسلسلة من المحاضرات الأكاديمية التي نظمتها الجامعة طوال العام.

وأكد مدير جامعة تلمسان، البروفيسور “مراد مغاشو”، أن الجامعة الجزائرية ستواصل مسيرتها نحو المزيد من الإنجازات، وستلعب دوراً محورياً في بناء مجتمع المعرفة في الجزائر. واستعرض محطات تطور الجامعة عبر العقود الخمسة الماضية، متحدثا بحماس عن الإنجازات العلمية والأكاديمية التي حققتها الجامعة، ومسلطا الضوء على الدور المحوري للأساتذة والطلاب في رفع اسم الجامعة عاليا في وصفه للمؤسسة بأنها صرح علمي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ومؤكدا على أهمية الاستمرار في مسيرة التميز والإبداع مطالبا بضرورة مواصلة الجهود لتعزيز الدور الاقتصادي للجامعة من خلال تثمين نتائج البحث العلمي، وجعل الجامعة قاطرة للتنمية الوطنية.

بدوره، أثنى والي تلمسان، “يوسف بشلاوي”، على مختلف الإنجازات العلمية التي حققتها جامعة تلمسان، مؤكدا أن جامعة تلمسان والجامعة الجزائرية بصفة عامة، تسعى إلى تطوير نظام التعليم العالي والبحث العلمي وجعله يواكب التطورات التي يشهدها المجتمع، وإيجاد حلول مبتكرة لمختلف المسائل المطروحة قصد المساهمة الفعلية في تحقيق التنمية على المستويين المحلي والوطني، ومشددا على أهمية دور الجامعات في بناء مجتمعات المعرفة، ومؤكد على الدعم الكامل من الدولة للمؤسسات التعليمية. كما أثنى على الدور المجتمعي للجامعة، معتبراً إياها شريكاً أساسياً في عملية التنمية والتطوير، ومشددا على أهمية الاستثمار في التعليم كأساس للتقدم المجتمعي.

 

تكريم يعبر عن عمق الروابط بين الأجيال

تميز الحفل بعرض وثائقي استثنائي، استعرض مراحل تطور الجامعة عبر السنين، حيث شاهد الحضور مسيرة مليئة بالإنجازات والتحديات، ومن أبرز ما تضمنه العرض الشهادات الحية لمدراء الجامعة السابقين الذين ساهموا بشكل كبير في بناء هذه المؤسسة العريقة، حيث تم تكريمهم في مبادرة تركت الأثر البالغ في النفوس تقديراً لجهودهم الجبارة وإسهاماتهم القيمة في تطوير الجامعة، ليعتلي المنصة بعد ذلك البروفيسور “مصطفى بن مونة”، أين ألقى محاضرة قيمة.

وفي لمسة رمزية تعبر عن عمق الروابط بين الأجيال، قام بتكريم البروفيسور “بن مونة”، أصغر أساتذة الجامعة الأستاذ “خالد مساد”، من كلية العلوم الاقتصادية والتسيير، الذي يمثل الجيل الجديد من الأكاديميين والذي يواصل مسيرة البناء والتطوير التي بدأها أسلافه. وفي لمسة مميزة من التكريم والاعتراف، تم تكريم عدد من أعضاء هيئة التدريس والموظفين المتوفين، الذين تركوا بصمات واضحة في تاريخ الجامعة، وتكريم خاص لفقيد الجامعة بمغنية، الأستاذ “مراد نعوم”، الذي وافته المنية في شهر سبتمبر المنصرم كبادرة وفاء وتقدير، كما تم تكريم عائلة الفقيد “أبو بكر بلقايد” الذي تحمل الجامعة وحظيت “إليزابيث ماري تيريز ميشو” زوجة الراحل بتكريم خاص، كما تم تكريم نخبة من القيادات الأكاديمية السابقة من بينهم نواب المدراء والعمداء والأمناء العامون السابقون للجامعة تقديراً لجهودهم المبذولة في بناء هذه المؤسسة العريقة.

وبعد عرض فيديو مؤثر تضمن شهادات لطلبة الجامعة المحليين والدوليين ألقى البروفيسور، “جون كوليدياتي”، رئيس جامعة عموم أفريقيا، كلمة مؤثرة أشاد فيها بجامعة تلمسان كنموذج متميز في مجال التعليم العالي، مشيداً بجهودها المتواصلة في خدمة العلم، ومضيفا أن الجامعة تمثل منارة للفكر والإبداع وتساهم في تشكيل مستقبل الأجيال القادمة، ليتم بعدها تقديم الجوائز لمجموع من الأساتذة المتميزين في السنوات الأخيرة.

 

التنافس الشريف والإبداع

أظهرت الجامعة من خلال هذا الاحتفال، تقديرها العميق لدور شركائها على غرار (سوناطراك)، (صينال) و(الديوان الوطني للتأليف والنشر)، حيث تم تكريمهم بشهادات تقدير نظير دعمهم المتواصل.

وفي جوٍ من التنافس الشريف والإبداع، تم تقديم جوائز لأفضل 3 مشاريع مبتكرة وأفضل مقال أدبي في مسابقة الجائزة الأدبية، وأفضل صورة في مسابقة أجمل صورة فوتوغرافية. كما تم تكريم مختلف الرياضيين والرياضيات المتميزين في مختلف المنافسات بالجامعة كما تم تكريم قدماء فريق وداد تلمسان، مما يؤكد أن التميز في جامعة تلمسان يشمل جميع المجالات وليس مقتصرًا على الجانب الأكاديمي فقط.

في ختام الاحتفال البهيج الذي شهد تتويج 50 عاماً من العطاء العلمي المتواصل، غلب على الحاضرين شعور بالفخر والأمل في المستقبل، فقد أثبتت جامعة “أبو بكر بلقايد”، من خلال هذا الحدث أنها مؤسسة تعليمية عريقة تتمتع بإرث علمي غني وتسعى دائماً إلى التطوير والتجديد، ما يؤكد مواصلة الجامعة مسيرتها نحو المزيد من الإنجازات، وستلعب دوراً محورياً في بناء مجتمع المعرفة في الجزائر.

جرفاوي. ع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى