الــجــامــعــة

جامعة بشار تحتضن ملتقى دولي ..

الذكاء الاصطناعي بين التحول الرقمي والمسؤولية القانونية

شهدت كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة “طاهري محمد” ببشار، يومي الأربعاء والخميس الماضيين فعاليات الملتقى الدولي حول المسؤولية القانونية عن استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، وذلك تحت إشراف السيد “أحمد بن يوسف”، والي ولاية بشار.

 

وقد عرف حفل الافتتاح حضور مدير جامعة بشار، مدير المدرسة العليا للأساتذة، وكذلك السلطات المدنية والأمنية، إلى جانب نخبة من الأساتذة والطلبة والمهتمين بالشأن القانوني والتكنولوجي. كما تميز الملتقى بمشاركة واسعة من الباحثين والأكاديميين من داخل الوطن وخارجه، من خلال جلسات علمية جمعت بين الحضور المباشر وتقنية التحاضر عن بُعد.

يأتي تنظيم هذا الملتقى في سياق عالمي، تتسارع فيه وتيرة التحول الرقمي وتزداد معه تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات. ولأن هذا الاتساع يعقّد أسئلة المسؤولية، فقد ركّزت المداخلات العلمية على الإشكاليات القانونية التي يثيرها استخدام الذكاء الاصطناعي، خاصة في حال وقوع أخطاء أو أضرار ناجمة عن القرارات الآلية، وما يترتب عن ذلك من تحديد دقيق للمسؤوليات القانونية والأخلاقية.  وأجمع المشاركون، على أن الاعتماد المفرط على الأنظمة الذكية دون إطار قانوني منظم قد يؤدي إلى إشكالات حقيقية في تحديد المسؤولية، ويطرح تساؤلات جوهرية حول من يتحمل نتائج الأخطاء أو الانحرافات التقنية.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن عددا من الدول الأوروبية قد بدأت بالفعل في اعتماد الذكاء الاصطناعي داخل منظوماتها القضائية، بهدف تسريع الإجراءات وتحسين جودة الخدمات العدلية. ومن أبرز هذه التجارب تجربة دولة إستونيا، التي تُعد من أوائل الدول التي اعتمدت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في ميدان العدالة، من خلال أنظمة تحليل متطورة تساعد على إدارة الملفات القضائية، ودراسة القضايا، والتنبؤ بنتائج الأحكام بناء على السوابق القانونية والمعطيات المتوفرة. وقد أظهرت هذه التطبيقات قدرة كبيرة على تسريع وتيرة العمل القضائي وتحسين جودة الأداء الإداري، لكنها في الوقت نفسه كشفت عن ضرورة الإبقاء على الدور المركزي للقاضي البشري في اتخاذ القرار النهائي، لضمان العدالة بروحها الإنسانية.

أكدت العديد من المداخلات أن الذكاء الاصطناعي، رغم دقته وسرعته، يبقى أداة مساعدة لا بديلا عن الإنسان. فالقاضي والمبرمج والمستخدم هم من يتحملون المسؤولية القانونية والأخلاقية عن نتائج استعمال الأنظمة الذكية. وشدد المشاركون على أهمية وضع تشريعات وطنية متكاملة تُحدد بدقة حدود المسؤولية القانونية في حال وقوع أخطاء ناجمة عن استخدام الذكاء الاصطناعي، بما يضمن حماية حقوق الأفراد والمؤسسات على حد سواء.

وتبقى مثل هذه التظاهرات العلمية فرصة ثمينة لتمكين الخبراء والباحثين من دراسة مختلف الأبعاد القانونية والأخلاقية لتقنيات الذكاء الاصطناعي، في ظل التسارع الكبير الذي يشهده العالم نحو الرقمنة. فهي تسهم في تعزيز الوعي بمسؤولية الإنسان في قيادة التحول الرقمي، وضمان أن تبقى التقنية أداة في خدمة العدالة والتنمية. ومن منظور مستقبلي، يشكل هذا الملتقى منطلقا لتأسيس رؤى بحثية وتشريعية جديدة قادرة على مواكبة التطورات التكنولوجية وتوجيهها بما يخدم قيم العدالة والإنسانية.

ع العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى