
حـققـت ولاية تلمسان عـدة نجاحات في غـراسات نموذجية أخرى كالبرتقال بمختلف أصنافه، الـذي أعطى نجاحا باهرا بمنطقـة مغنية، فـضـلا عـن توسع مساحات الأشجار المثمرة المتمثلة في التفاح والإجاص والبرقوق الذي يتم غراسته بشكل كبير، حيث تأتي هذه الغـراسات لتضاف لغـراسة الزيتون التي حققت نتائج “جد ايجابية” خلال السنوات الأخيرة، وأعطت أكلها بإنتاجية وافرة فاقت 300 ألف قنطار في الموسم الفارط.
ولكـون منـتوج الـرمان علامة رائجة تعرف الولاية بنوعـيتها، وبالخصوص منطقة “سـهـل واد تافـنةالرماشـة”، حيث كشف القائمون على القطاع الفلاحي بأن هـذا المنتوج الفلاحي، ستحصل من خلاله الولاية في الأفـق القريب على علامة الجودة في إطار تثمين المنتجات الفلاحية الوطنية، باعـتـبار أن مـنـتـوج الرمان بالمناطق الفلاحية المتواجدة عـبر بلديات السواحلـية، واد الثلاثة، والرمشي بإقليم ولاية تلمسان موطن فاكهة الرمان ومصدر إنتاجها الوفـير ذو جودة عالية وعلامة رائجة، وسمة فـريدة من نوعها، حيث تتنوع وتتعـدد أصناف هذه الفاكهة، إذ تشكل بساتين الرمان بذات المناطق مقصدا للتجار في مواسم قطف هذه الفاكهة، حيث التهافت على النوعـية التي ألفها هؤلاء في كل موسم فلاحي قـد تتباين فيه الوفرة وفقا لمؤشر صحة الأشجار المثمرة، وعـدم تعرضها لمختلف الأمراض المـعـروفة عـند عموم الفلاحين.
ولايختلف اثـنان من العارفـين بواقع الفلاحة عـبر هذه الولاية، أن زراعـة رمان ســهـل الرماشـة شمال مدينة الرمشـي بولاية تلمسان، شـهدت خلال السنوات الأخيرة انتشارا واسعا، حيث فرضت نفسها بعـد أن كانت الحمضيات هي المنتوج الأول في المنطقة لعـدة اعـتبارات، وأكد بشأنها أحـد المستـثمرين في هذا المجال في تصريح خص بـه “الـبـديل”، أنـه وقـبل 15 سنة كان إنتاج فاكهة الرمان قليل، حيث كانت مستثمرة واحدة بمنطقة الرماشة، ومعظم الفلاحين بهذه المنطقة كانوا يقومون بإنتاج مختلف الخضروات والأشجار المثمرة خاصة الحمضيات.
وبعـد مشكل الجفاف وشح الأمطار ونقـص مياه السـقـي الفلاحـي الذي تسبب في هلاك الأشجار، تم تعويضها تدريجيا بعملية زراعة أشجار الرمان، ومـع نجاحها توجه الفلاحون إلى عملية زراعـة أشجار الرمان، وأضحى معظمهم مختصين في مجال زراعة أشجار هذه الفاكـهة من الرمان.
ووفـقا لمؤشرات الإنتاج المستـقاة من طرف فلاحوومستثمرو بلدية الرمشي، فإن ســهـل الرماشـة يتصدّر الصدارة في إنتاج فاكهة الرمان بنسبـة تـفـوق الــ 70 بالــمائـة، مما مكـنها ككل موسم من جني هذه الفاكهة، والذي يكون مطلع الخريف وتحقـيق مردود يـفـوق 150 قـنطارا في الـهـكتـار الـواحـد من فاكهة الرمان من الـنوعـيـة الجـيّـدة بمختلف أصنافـه، في حين بعض المستثمرات الأخرى يـفـوق 300 قـنطار في الـهـكتـار الـواحـد، مضيفين أنـه ومنذ حوالي 15 عاما أصبحت منطقة الرماشة معروفة بإنتاج الرمان “المريني” كما ونوعا، باعـتبار أحـد الفلاحين في هذا المجال أن هذا النوع لايمكن زراعـته في أماكـن أخرى، مضيفا أن الـحـبة الـواحدة من فاكـهـة رمان “الـمـريـني” تـفـوق الكيلوغـرام الـواحـد.
رغـم الــصعاب والتحديات، الفلاحون يخلقون ثورة فلاحـية ويتجهون نحو تطوير منتوجهم
شـكّـل هاجس نقـص مياه السقي الفلاحي بسهل الرماشـة بمدينة الرمشي أهم مشكل يعترض الفلاحين ومستثمراتهم، على اعـتبار هذه المادة الحيوية ضرورية لخدمة أراضيهم ومحاصيلهم الزراعيـة، بعد أن عرف المورد الوحيد انخـفاضـا ملحوظا، مما يجعل الفلاحين في حيرة من أمرهم، خاصة وأن المنطقة فلاحية تعرف بإنتاجها لفاكهة الرمان واهتمام سكانها بهذا النشاط، ومتخوفون من تراجع منتوجهم، حيث يواجـهون بـحـدّة نقص مياه السقي، خاصة في فصل الصيف الذي يـتـم فيه سـقـي الرمان بكميات كبيرة خلال الثلاثة أشهر لاستهلاكه في هذه الفترة كـميات من المياه، حسب المختصين في هذا المجال، وأضافـوا أن أوضاعهم مع هذا المرد الحيوي تستدعي مراعاتها من قبل السلطات المحلية والجهات المعنية، أين طالبوا بإدراج مشاريع من شأنها إنقاذ الفلاحين من شبح الجفاف الذي بات يهددهم في حال لم يتم الالتفات إلى مطلبهم.
وعـلى صعـيـد ذي صلة، أشار السيد “بلهاشمي الـهـاشـمي” رئيس الجمعية الولائية الفلاحية واد تافـنة في تصريح خص به “البديل”، أن الإنتاج الوفـير من الرمان جاء نتيجة جهود الفلاحين ومرافقة الجهات المعنية، وفي مقدمتهم مديرية الموارد المائية لولاية تلمسان فيما يخص مياه السقي، باعتبار أن هذه المنطقة تستقبل حصتها من مياه السقي من سد حمام بوغـرار ومن سد سكاك، مضيفا أنه يتم مرافقة الفلاحين في فترة السقي في الصيف والمحددة من جوان، جويلية وأوت إلى غاية شهر سبتمبر، هذه الفـترة تمكّـن الفلاحون من الحصول على 03 حصص من عملية السقي التي تم إطلاقها في هاته الفترة بعد التنسيق مع الفلاحين.
ورغم هذه الصعاب، إلا أن الأمل في تطوير منتوجهم قائم، في انتظار الانتهاء من مشروع لتوصيل مياه السقي إلى بساتينهم، باعـتبار أن الفلاحين والمستثمرين بالمنطقة، لهم إمكانيات كبيرة في إنجاح وتطوير هذا المنتوج من فاكهة الرمان ولما لا تصديره إلى الخارج، خـاصة وأن رمان منطقة الرماشة لقي رواجا كبيرا من حيث الجودة على المستوى الوطني، وحاليا يسـوّق إلى عـدد من ولايات الوطن على غـرار الـبلـيدة، والعاصمة والجـنوب والشرق الجزائري.
لكن رغم ذلك، تبقـى صعـوبات الــتــسويـق التي تضاف إلى مشاكل الـسـقـي قائـمة، حيث إن الفلاحون يواجهون في المنطقة مشكل التسويق وهـبوط الأسعار بعـد امتلاء السوق بفاكهة الرمان، وتبقى كميات منه مكدّسـة، مما دفع بالفلاحين والمستثمرين بإيجاد حل لهذا المشكل الذي يواجههم ككل موسم جني محصولالمنتوج، من خلال استحداث مصانع تحويلية لفاكهة الرمان أو منتوجات فلاحية أخرى كبديل، وحل لعملية التسويق، خاصة مع كثرة المنتوج وزيادته من سنة لأخرى.
مؤكـدين في ذات السياق أن إرادة رئيس الجمهورية السيد “عبد المجيد تبون”، في إحداث ثورة فلاحية غـير مسبوقة، وحرص السلطات الولائية على تطبيق هذا البرنامج، اكتسبتهم الأمل في مستقـبل الرمان في الـرمـشي.
وبخصوص مجال السقي الفلاحي، أضاف رئيس الجمعية الولائية الفلاحية واد تافـنة”الحمد لله المصالح الفلاحية والموارد المائية لولاية تلمسان والمجلس الولائي والسيد والي ولاية تلمسان كان لهم دورا كبيرا في الوقوف مع الفلاحين والمستثمرين في الاستفادة من حصص السقي المبرمجة لهم من سد حمام بوغرارة وسد سكاك، وهي مجهودات ثمنها الفلاحون في انتظار استكمال مشروع الأنابيب اقتصاد المياه كبديل لذلك، للاستفادة من مياه السدين بكميات كافية تصل إلى 15 مليون متر مكعب، على غـرار فلاحو منطقة مغنية الذين يتلقون حصتهم من السقي من سد حمام بوغـرارة، مما يمكن الفلاحين من تطوير هذا المنتوج من الرمان ، ولما لا تصديره إلى الخارج باعتبار أن الفلاحين والمستثمرين بالمنطقة لهم إمكانيات في إنجاح تطوير هذا المنتوج من فاكهة الرمان.
الحرص على تحقيق الأمن الغذائي والمائي في ظل الجزائر الجديدة لتعزيز السيادة الوطنية
تمكنت ولاية تلمسان التي كانت تعرف بالأمس القريب بطابعها السهبي الرعـوي، من تحقـيق نتائج جد إيجابية في معدلات الإنتاج، جعلتها تتحول إلى منطقة فلاحية بـ “امـتـياز”، حسب تقدير القائمين على مديرية المصالح الفلاحية
ولعل الأبرز في مجمل المؤشرات الإيجابية، هو ذلك التطور الحاصل في توسع مساحات الغراسة في عدد من الشعب الفلاحية، التي حققت بها الولاية منتوجا وفـيرا خلال المواسم الفلاحية، حيث التطور الحاصل في القطاع الفلاحي في السنوات الأخيرة أعطى ثماره في ظل توسع المساحات المسقية التي تسعى السلطات الولائية في توسيعها، والذي سيتأتى في ظل إعطاء أهمية لتوسيع شبكة الكهرباء الفلاحية التي توليها السلطات المحلية عناية بالغة.
كما أسهم تواصل عملية التطهير العقاري الفلاحي بإضفاء مرونة في نشاط الفلاحين، خاصة ما تعلق بتسوية الأراضي المستصلحة، وكذا الأراضي الممنوحة في إطار الامتياز الفلاحي وإنشاء المحيطات الفلاحية.
للإشـارة، أعـطى رئيس الجمهورية السيد “عبد المجيد تبون” عـناية كبيرة لمسألة الأمن الغذائي حتى قبل انتخابه، حين وضعه ضمن التعهدات 54 التي قطعها على نفسه اتجاه الشعب الجزائري، والتي يتجه تدريجيا لتجسيدها، حيث تأتي في مقدّمات هذه العهدات تثمين الإنتاج الوطني للصناعات الزراعـية والصناعية والخدماتية، من خلال حوافز ضريبية وتقييد الواردات ووضع سياســة تصنيــع جديــدة موجهــة نحــو الصناعــات المصغــرة والصغيــرة ومتوســطة الحجــم، وذلك بهــدف تلبية الطلب الوطني،واستبدال المنتجات المستوردة بالمنتجات المحلية لتخفيض الواردات بشكل كبير وتوفير احتياطي الصرف.
هذا، فضلا عـن وضع خطة استعجالية لتحديث الزراعة لضمان الأمن الغذائي وتلبية الاحتياجات الوطنية (الإنتاج الحيواني والإنتاج الفلاحي، إلى جانب إعادة تأهـيل وتطوير الأراضي الزراعـية، وكـذا تطهير ملف الأراضي الفلاحية واستعادة الأراضــي الفلاحيــة غيــر المســتغلةـ بغيـة تنمية الفلاحة كوسيلة لتنويع الاقتصاد الوطني والحد من اختلال الميزان التجاري للسلع الرئيسية.
الرقمنة،السقي وتسوية العقارفي صلب توصيات الجلسات الوطنية للفلاحة
هذا، وكانت قـد توّجت الجلسات الوطنية للفلاحة بحزمة من التوصيات، تمحورت حول ضرورة اعتماد الرقمنة في تسيير القطاع الفلاحي وتوسيع المساحات المسقية وتسوية العقار، وأوصى المشاركون في ختام هذه الجلسات بضرورة تعميم مساعي الرقمنة داخل القطاع، كأحد الأدوات الرئيسية في التحكم في البيانات وعصرنة وسائل الإنتاج وبالتالي تنمية الشعب الاستراتيجية، كما أكـدوا على ضرورة تعزيز القدرات البشرية في التكوين والبحث والإرشاد والدعم الاستشاري، وكذا تأطير الشباب حاملي المشاريع بالتنسيق مع وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، كما شملت التوصيات تسوية الأراضي المستغلة بدون سندات،من أجل السماح للفلاحين الفعليين بالاستفادة من المزايا التي تمنحها الدولة.
وبخصوص ملف توسيع المساحات المسقية، أوصى المشاركون بإنشاء هـيئة وطنية مختصة بالري الفلاحي للتكفل بالتسيير، والاستغلال العقلاني للموارد المالية المخصصة للسقي. أما بخصوص تثمين الإنتاج الفلاحي وامتصاص فائض الإنتاج، تم اقـتراح إنشاء خرائط لتحديد الشعب الفلاحية المخصصة للصناعة التحويلية حسب المناطق والأقطاب الزراعية المؤهلة لكل مـنـتوج، وكذا إنشاء مؤسسة مختصة بمعايير عالمية في توضيب وتسويق وتصدير المنتجات الفلاحـية.
اعداد: ع. أمــيــر



