
في خطوة جديدة أثارت انتباه مستخدمي الهواتف الذكية. أعلنت شركة تروكولر “truecaller” عن نيتها التوقف عن تقديم ميزة تسجيل المكالمات على أجهزة “ايفون” بدءًا من الثلاثين من شهر سبتمبر المقبل. وهي الميزة التي أطلقت قبل عامين لمستخدمي نظام التشغيل الخاص بشركة أبل. وتأتي هذه الخطوة في إطار سعي الشركة السويدية لتعزيز تركيزها على خدماتها الرئيسية. خاصةً ما يتعلق بحظر المكالمات غير المرغوب فيها. وتحديد هوية المتصلين في الزمن الحقيقي.
رغم أن الميزة حققت تفاعلًا واسعًا بين المشتركين، خاصةً في أوساط المهنيين الذين يعتمدون على توثيق المكالمات. فإن الشركة قررت سحبها في ظل التحديات التقنية والتنظيمية المرتبطة بنظام “ايفون”.
وأوضحت أن المستخدمين سيتمكنون من تنزيل تسجيلاتهم المحفوظة قبل الموعد المحدد أو مشاركتها عبر التطبيقات أو تخزينها في مساحة سحابية. بما يضمن بقاء البيانات في متناولهم حتى بعد توقف الخدمة.
تروكولر “truecaller” .. تحديات تشغيلية وتكاليف مرتفعة
أشار رئيس قسم تطوير التطبيق على نظام “ايفون” داخل الشركة إلى أن العمل ضمن بيئة تشغيل مغلقة مثل نظام أبل يشكّل عائقًا تقنيًا كبيرًا. إذ لا تسمح الشركة للمطورين من خارج منظومتها باستخدام أدوات مباشرة لتسجيل المكالمات. ما اضطر تروكولر إلى اعتماد الية بديلة تتمثل في دمج مكالمات المستخدمين بخط تسجيل ثالث.
وهو حل مكلف ومعقد في الوقت ذاته، ويستلزم بنية تحتية عالية الكلفة، كما يُعرض الخصوصية لضغط تنظيمي قد لا يمكن التنبؤ بنتائجه.
وأضاف أن هذه الطريقة لم تعد فعالة أو مجدية تجاريًا، خصوصًا في ظل دخول شركات كبرى إلى هذا المجال. وتقديمها خدمات مماثلة داخل النظام نفسه دون الحاجة إلى أدوات خارجية.
وهو ما يعيد رسم قواعد المنافسة بين التطبيقات المتخصصة، ويجعل من الصعب الاستمرار في تقديم خدمات قد تُفهم لاحقًا كاختراقات للخصوصية أو استغلالاً تقنيًا لثغرات تنظيمية.
تركيز على الحماية وتحديد الهوية
وفقًا لما صدر عن شركة تروكولر “truecaller” ، فإن وقف الميزة يأتي في سياق التحوّل الاستراتيجي لتركيز جهودها على تطوير ميزتين أساسيتين. الأولى متعلقة بكشف هوية المتصل فورًا خلال المكالمة. والثانية ترتبط بقدرة التطبيق على منع المكالمات المزعجة بشكل تلقائي ومتطور.
وهي ميزات تعد أكثر أهمية وأولوية للمستخدمين. خصوصًا مع تزايد محاولات الاحتيال الهاتفي والمضايقات الرقمية، التي باتت تتطلب حلولًا ذكية قادرة على المواجهة السريعة.
وتؤكد الشركة أن هذه الميزات تأتي ضمن حزمة اشتراكاتها المدفوعة، والتي تتيح للمستخدمين أيضًا خيارات مثل وضع التخفي والتحكم في الظهور الرقمي.
وهو ما جذب قرابة ثلاثة ملايين مستخدم مدفوع حول العالم، وقدّرت الشركة أن قرابة نصف عائداتها من الاشتراكات تأتي من مستخدمي “ايفون”، مما يفسّر حرصها على عدم التضحية بهم كليًا. بل توجيههم نحو مزايا أخرى تلائم طبيعة النظام المحكوم بقيود أبل.
منافسة متصاعدة وبدائل جديدة
تزامن قرار تروكولر مع إعلان شركة أبل عن إطلاق تحديث جديد لنظام تشغيلها . يتضمن خاصية تسجيل المكالمات ونسخ محتواها بشكل تلقائي. بالاعتماد على تقنيات ذكية داخلية لا تتطلب أية تطبيقات وسيطة.
وهو ما يجعل من استمرار تروكولر في تقديم الميزة غير منطقي من الناحية التقنية. وقد يكون متجاوزًا من الناحية القانونية قريبًا، خاصةً إذا اعتبرت خطوط التسجيل الخارجية انتهاكًا للضوابط المحلية في بعض البلدان.
وتشير تقارير إلى أن مستخدمي “ايفون” باتوا يفضّلون الحلول الرسمية المدعومة من النظام نفسه. خصوصًا إذا ترافقت مع حماية البيانات وتكامل المزايا داخل بيئة أبل المغلقة. التي تضمن للمستخدمين أمانًا أعلى من استخدام أدوات تسجيل خارجية قد تسبب لهم مشاكل لاحقًا في حال استخدامها لأغراض شخصية أو مهنية غير مرخّصة.
يبدو إذًا أن مستقبل تروكولر سيتجه نحو مزيد من التركيز على عنصر الحماية الذكية بدل التوثيق الصوتي، خاصةً في ظل تشريعات متزايدة تفرض حماية القاصرين والخصوصية الرقمية.
وتجعل من التسجيل غير المصرح به موضوعًا شائكًا، ومع ذلك، لا يزال بإمكان المستخدمين الراغبين في الحفاظ على تسجيلاتهم الحالية اتخاذ خطوات احترازية لتنزيلها أو نقلها قبل الموعد المقرر لإيقاف الميزة بشكل نهائي.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله