تكنولوجيا

تأثير الرقمنة على المفاهيم التقليدية للمعاملات التجارية والمدنية

دور التصديق (التوثيق) الإلكتروني في تأمين المعاملات الالكترونية

تتطلب المعاملات الالكترونية ضرورة توافر الثقة والأمان في الوسط الذي تجري فيه، نظرا للطابع الخاص الذي تتم فيه، لذلك تعمل جهات متخصصة على توفير عنصرين هامين للمعاملات الإلكترونية، وهما ضمان صحة المحررات الإلكترونية من أي تعديل أو تزييف، وكذا التأكد من هوية الطرفين المتعاقدين، من خلال تأمين التوقيع الإلكتروني ونسبته إلى أطرافه.

وقد اهتمت تشريعات الدول المتعلقة بالمعاملات الإلكترونية و/أو التوقيع الالكتروني، بوضع القواعد الخاصة بتنظيم جهة التصديق الإلكتروني، من حيث إنشائها وكيفية ممارستها لنشاطها والرقابة عليها ومسؤوليتها.

التسويق الآلي والدفع الإلكتروني والتجارة الإلكترونية

شهدت السنوات الأخيرة تطورا هائلا في مجال تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية، أثرت على جميع مجالات الحياة، حيث أصبحت أغلب المعاملات التجارية وحتى المدنية، منها تتم بواسطة شبكات الاتصال الإلكتروني، فظهر ما يسمى بالتسويق الآلي والدفع الإلكتروني والتجارة الإلكترونية.وقد كان لثورة المعلومات أثر على تغير محل العقود من حيث ظهور منتجات ذهنية جديدة في مجال التداول كبرامج الكمبيوتر، والألعاب، … كما أثرت أيضا على وسائل إبرام هذه العقود، التي أصبحت تتم على دعائم غير مادية وأصبحت تتم في شكل إلكتروني بوسائط إلكترونية، خلافا للمعاملات التجارية التقليدية التي تتم بوسائط ودعائم مادية ورقية. كما حصل التغيير أيضا في مجال تنفيذ هذه العقود إذ أصبحت تتم في الغالب بوسائط إلكترونية عن طريق شبكة الانترنت، ويتم الدفع أيضا بوسائل إلكترونية وهو ما أدى إلى ظهور النقود الإلكترونية.

ظهور خدمات التصديق الالكتروني

ونتيجة لهذه المتغيرات أصبحت الحاجة ملحة إلى البحث عن سبل لتامين مجال المعاملات الالكترونية من المخاطر التي قد تعترضها، نظرا للطابع باللامادي الذي تتم فيه، وهو ما أدى إلى ظهور خدمات التصديق الالكتروني، كإحدى الآليات لتامين المعاملات الالكترونية، مدنية كانت Hم تجارية. حيث تتطلب المعاملات الالكترونية ضرورة توافر الثقة والأمان في الوسط الذي تجري فيه، نظرا للطابع الخاص الذي تتم فيه، لذلك تعمل جهات متخصصة على توفير عنصرين هامين للمعاملات الإلكترونية، وهما ضمان صحة المحررات الإلكترونية من أي تعديل أو تزييف، وكذا التأكد من هوية الطرفين المتعاقدين، من خلال تأمين التوقيع الإلكتروني ونسبته إلى أطرافه. وقد اهتمت تشريعات الدول المتعلقة بالمعاملات الإلكترونية و/أو التوقيع الالكتروني، بوضع القواعد الخاصة بتنظيم جهة التصديق الإلكتروني، من حيث إنشائها وكيفية ممارستها لنشاطها والرقابة عليها ومسؤوليتها. وتعد مرحلة التصديق الإلكتروني من أهم المراحل في إبرام العقد الإلكتروني، لما لهذه المرحلة من دور في إثبات انعقاد العقد، والتأكد من صحة البيانات الواردة فيه وعدم تعرضها للتحريف أو التغيير، وكذا التحقق من صحة التوقيع ونسبته إلى شخص الموقع. فلابد من وجود طرف ثالث محايد توكل له مهمة التصديق الالكتروني، يطلق عليه مقدم أو مؤدي خدمات التصديق أو جهة التوثيق. ويقوم هذا الطرف بمنح شهادة تصديق الكترونية، للتأكيد على نسبة المحرر أو العقد الإلكتروني لصاحبه أو مصدره، وكذا التأكيد على صحة التوقيع الالكتروني ونسبته لمن صدر عنه (الموقع). ويعتبر نشاط التوثيق الالكتروني نشاط اقتصادي يخضع للقيد في السجل التجاري، طبقا للقانون التجاري. وهو ما يدعونا إلى البحث عن الدور الذي تلعبه جهات التصديق الالكتروني في مجال تامين المعاملات الالكترونية. فالمشرع الجزائري أسند مهمة التصديق الإلكتروني إلى أشخاص طبيعية ومعنوية، عامة أو خاصة، تتولى إصدار ومنح شهادات تصديق إلكتروني مؤمنة وموثوقة، إلى جانب تقديم خدمات أخرى ترتبط بالتصديق الإلكتروني، كالتوقيع الالكتروني ونشر شهادات التصديق الالكتروني أو إلغاؤها. وعلى ذلك يمكن تعريف الجهة المختصة بإصدار شهادات التصديق الإلكتروني، بأنها: هيئة (أو مؤسسة) يتولى إدارتها شخص طبيعي أو معنوي، تعمل بترخيص من إحدى مؤسسات الدولة، وظيفتها إصدار شهادات تصديق الكترونية، تربط بين شخص (طبيعي أو معنوي) ومفتاحه العام، أو أية مهمة أخرى تتعلق بالتوقيع الإلكتروني.

المتطلبات الواجب توافرها في جهة التصديق الإلكتروني:

اشترط المشرع الجزائري في نص المادة 34 من القانون 15/04 المتعلق بالتوقيع والتصديق الإلكترونيين، مجموعة من الشروط والمتطلبات يجب توافرها في كل شخص سواء أكان طبيعيا أم معنويا، يتقدم بطلب إلى الجهة المختصة للحصول على ترخيص ممارسة مهنة مؤدي خدمات التصديق الإلكتروني، هذا الشروط هي:

1ـ أن يكون خاضعا للقانون الجزائري بالنسبة للشخص المعنوي، أو الجنسية الجزائرية بالنسبة للشخص الطبيعي،

2- أن يتمتع بقدرة مالية كافية،

3- أن يتمتع بمؤهلات وخبرة ثابتة في ميدان تكنولوجيا الإعلام والاتصال للشخص الطبيعي أو المسير للشخص المعنوي. وهو ما تطلبه أيضا التوجيه الأوروبي في الجهة المختصة بإصدار شهادات التوثيق، حيث أشارت المادة (ه) من الملحق الثاني للتوجه الأوروبي بشأن التوقيعات الإلكترونية، الذي ينظم المتطلبات الخاصة بالمكلفين بخدمة التوثيق الذين يصدرون شهادات موصوفة، إلى أنه:” يجب على المكلفين بخدمات التوثيق الاستعانة بموظفين متمتعين بالمعارف النوعية والخبرة والتوصيفات الضرورية لتوريد الخدمات، وعلى الأخص الاختصاصات على مستوى الإدارة، والمعارف المتخصصة تكنولوجيا في التوقيعات الإلكترونية…

4- أن لا يكون قد سبق الحكم عليه في جناية أو جنحة تتنافى مع نشاط تأدية خدمات التصديق الإلكتروني.

وهناك شروط أخرى تقنية، حتى وإن لم يتطرق إليها المشرع الجزائري صراحة، إلا أنه أشار إليها في نص المادة11/1/ب من القانون رقم 15/04، وهي ضرورة استخدام برامج وأنظمة لتأمين المعلومات وحماية البيانات، تحقيقا للأمان التقني ضد أي استعمال غير مشروع وتطبيق إجراءات تحقق السرية المناسبة، وهو ما أشار إليه المرسوم الفرنسي 272  لسنة 2001 في المادة 6/2، وكذا التوجيه الأوروبي للتوقيع الإلكتروني في الملحق الثاني منه، وكذا المادة 12/ أ من اللائحة التنفيذية لقانون التوقيع الإلكتروني المصري. وإذا ما توافرت في طالب الحصول على ترخيص لتأدية خدمات التصديق الإلكتروني هذه المتطلبات، فإنه تمنح له شهادة التأهيل لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، سواء كان شخص طبيعي أو معنوي، وذلك من أجل تهيئة الوسائل اللازمة لتأدية خدمات التصديق الإلكتروني، ويتم تبليغ هذه الشهادة في أجل أقصاه 60 يوما ابتداء من تاريخ استلام الطلب المثبت بإشعار بالاستلام، حسب ما جاء في المادة 35/1 و2. وهذه الشهادة تمنح للشخص بصفة شخصية، ولا يمكن التنازل عنها للغير(10)، وفي حال رفض منح شهادة التأهيل من السلطة الاقتصادية للتصديق الإلكتروني، وجب أن يكون قرار الرفض مسببا ويتم تبليغه للمعنى مقابل إشعار بالاستلام (المادة 37 من القانون رقم 15/04). وفي كل الأحوال لا يمكن حامل هذه الشهادة تأدية خدمات التصديق الإلكتروني، إلا بعد الحصول على الترخيص (المادة 35/3)، بمعنى أن شهادة التأهيل لا تؤهل الشخص لتأدية هذه الخدمات، بل يجب الحصول على ترخيص بذلك من السلطة الاقتصادية للتصديق الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى