
جاءت من مدينة “تيارت”، لتضع قدميها بين ثنايا جامعة السانيا التي تخرجت منها بشهادة “ليسانس” في تخصص “العلوم السياسية”، لتشتغل بعدة مجالات، وتتزوج بوهران وتنجب طفلين، وتواصل رحلتها نحو تعزيز وجودها في عالم الكتابة عبر تأليفها لعديد الكتابات التي عبرت في كثير من الأحيان على لحظات فارقة في حياتها، لتصبح اليوم مديرة “سينماتكموكس” بسيدي بلعباس.
حاولت جريدة “البديل” أن تطلع على رؤيتها لمجالي الصحافة والفن والثقافة، فكان هذا الحوار:
كيف انتقلت “صورايا” من عالم الصحافة إلى عالم الثقافة والفن؟
مرحبا، هي لم تكن انتقالة بل كان العمل بالتوازي، عملت في كثير من الجرائد بولايةوهران، وبعقد مؤقت من 2004 إلى 2006، بالموازاة مع عملي الصحفي اشتغلت بالمسرح الجهوي لوهران. و لكن لم أتوقف عن عالم الصحافة، فمنذ 2003 إلى 2006 صحفية، ثم رئيسة القسم الثقافي بإحدى الجرائد الصادرة بوهران، إلى غاية 2018، لأتوقف وأشتغل بسينماتيك وهران، انتقلت بعدها إلى الجزائر العاصمة للعمل بالسينماتك أيضا إلى غاية 2022، لأعود إلى سينماتك وهران، وفي 2024 انتقلت كمديرة لسينماتك “موكس” بسيدي بلعباس إلى اليوم.
من اكتشف فيك موھبة الكتابة؟
فیما یخص الكتابة، كما تعلمین كل الذي اشتغل في الصحافة المكتوبة بإمكانه أن یكتب إذا أرادطبعا، ولكن تبقى نوعیة الكتابة مختلف، ھناك كتابات صحفیة، كتابات أكادیمیة وكتابات إبداعیة مستوحاة من الخیال ككتابة الروایة، القصة، السیناریو، المسرح… بالنسبة لي كانت ھناك كتابات متواضعة، لكن لم أكن أكتب بتلك الطريقة المحترفة،وقتها فقط كان یھمني كيف أخرج ذلك الشعور بداخلي إلى العلن، فلم یكن ھناك أصدق من القلم والورقة وبعدھا الحاسوب.
فقصتي مع الكتابة كانت منذ مراھقتي، كنت أشعر بكثیر من الراحة عندما أكتب، أكتب لنفسيفقط، ولكن مع ظهور الوسائط الاجتماعية، خاصة الفاسبوك، أصبحت أشارك الجمهور ما أكتب، وأسعد كثیرا لتجاوبھم، خاصة من أولئك الذین لھم تجربة سابقة في الكتابة، أتابع التعلیقات على ما أكتب، لأنها دعم معنوي لي، أھم ما كتبت أي “رسائل صورالیزا”، رسائل كلھا حب، أحیانا ألم، وجع، حلم، أمل… كما لي بعض الكتابات الصغیرةأسمیتھا “صوریات”، وبعض من القصص القصيرة، ومنها قصة “رقصة الريح مع جوربي”، التي حزت بھا على المرتبة الأولى لجائزة “أم سهام” بوهران في 2022، غير أنني لم أقم ينشر أيا من كتاباتي ويبقى حلما، سيتجسد مستقبلا بإذن الله.
كيف ترين العلاقة بين المسرح والسينما؟
كلاھما يرتبطان بالجمهور، فقط المسرح یبقى أب الفنون والفن الرابع، وله علاقة مباشرة بالجمھور، فيهحریة على الخشبة، یمكن أن یكون ھناك إرتجال، تجاوب مع الجمهور، تشعر وكأن المسرح حي، خال من الجمود. ولعلمك من یعشق المسرح والخشبة لا یمكنه أبدا التخلي عنھما إلا لظروف قاھرة، فھي علاقة حب كبیرة، وأما عن السنیما فھي الفن السابع، فن الصورة، فن یحتاج إلى إمكانیات كبیرة.
السنیما تطورت بسرعة من حیث التقنیات الحدیثة، لهذا أرى أن كل واحد منھما له تقنياته الخاصة، لھذا نجد أحیانا من یمتھن المسرح یجد صعوبة في التخلي عن تقنیات التمثيل المسرحي والعكس صحيح، بالنسبة للممثل في السنیما، فالفصل بینھماأحیانا یكون صعب، لذلك لابد للممثل في المجالین أن یعرف جیدا كیف یفصل بینھما، بین أن یقف على خشبة المسرح وبین أن یقف أمام الكامیرا، بینھما خیط رفیع ولكن صعب قطعه إلا للمتمكنین.
انتقلت بین 3 ولايات، كیف كان جمهور كل ولاية، وأي جمهور له إقبال على الفضاءات الثقافة؟
لقد كانت تجربة الإنتقال إلى عدة ولايات تجربة ثریة وممیزة، ولكن سنوات عملي بالسنیماتیك واحتكاكي بالجمهور الوهراني لـ 13 سنة، كان أكبر مقارنة بعملي بالعاصمة الذي لم يتعد 4 سنوات فقط، أما بولاية سیدي بلعباس أعمل بسينماتكموكس منذ قرابة عام فقط، لكن يمكنني القول إن الولایات الكبرى تبقى أكثر جلب لمحبي السنیما، غير أن ھذا لا یمنع من القول إن الولايات الأخرى جمهورها متعطش جدا للسنیما، فالمركز الجزائري للسنیما المتواجد مقره بالعاصمةوله عدة قاعات عبر الوطن، یعمل جاھدا من أجل النهوض بالسنیما على مستوى النشاطات والعرض في مختلف أنحاء الوطن، ولا ننكر أن الجمهوريحب الجديد في السينما ويحب تنظيم مهرجانات سينمائية، فهو متتبع جيد أين كانت ولايته، فلهذا كلما كانت هناك أنشطة مختلفة ولقاءات فنیة ومھرجانات وغیرھا يكون جمهور، أما عن الفئة المحبة للسنیما أو كمانسمیھا “سني فیل” فھي فئة قلیلة، لكنها تبقى وفیة لكل عرض أو نشاط.
بما أنك منغمسة في عالم السينما، ما هي الأفلام التي تلقى إقبالا؟
حب الأفلام من طرف الجمھور یبقى أذواقا، كل ما أرى في فئة الشباب حالیا مرتبط جدا بالتقنیات الجدیدة، بالقصص الخیالیة وخاصة أفلام الرعب والخوف، الإثارة، لم یعد یھتم بالأفلام الرومانسیة أو الاجتماعیة مثل الشباب السابق.
خلال عملك الصحفي، ما هي المواقف أو المشاهد التي ماتزال عالقة بذهنك؟
خلال مسيرتي في عالم الصحافة، حاورت العدید من الفنانین، الكتاب، مدراء مؤسسات ثقافيةوهواة محترفین، كما قمت بالكثیر من الروبرتاجات، وكذا قمت بتغطیة جل النشاطات الفنیة والثقافية على مستوى وهران، حیث نلت جائزة أحسن تغطيةلفعاليات مهرجان الكرامة،وكذلك أحسن مقال صحفي لمهرجان الأغنیة الوھرانیة، وتبقى الذكرى الوحیدة التي ألمتني حقا ولا یمكن أن أنساها، محاورتي بالكامیرا للفنان الكبیر الراحل “بشیر حمودة”، لصالح إحدى القنوات التلفیزیونیة الخاصة التي أغلقت فیما بعد، لكن كل ذلك العمل ذهب في مهبالريح، لم أستطع أن أوصل ندائه لأنه كان مریضا، ولمأستطع أن أبث حواره لأسباب أجهلها لحد الآن ومازاد ألمي رحيله إلى الأبد بعد حواري معه،وكله حسرة وألم على حالته الصحیة والاجتماعیة، وتحدثت كثیرا في ذلك الحوار المسجل عنمسیرته الفنیة الطویلة وعن مرضه وتدهور وضعه الاجتماعي، رحمه الله.
من أي الشخصیات الفنیة أو الثقافةالتي جمعتك بھا المهنةالصحفية وأثرت فيك إلى اليوم؟ وكذلك بالنسبة للمؤلفين الذین قرأت لھم؟
جمعتني مھنة الصحافة مع الكثیر من القامات الفنیة والثقافیة، كما أسلفت الذكر حاورت الكثيروالتقيتالكثير، ولكن يمكن أن أقول أكثر من تأثرت بھم لم تسمح لي الصدفة أنالتقيتهم كانت قد غيبتهم الموت من بينهم الراحلة (يمینة مشاكرة،صافیة كتو، ایزابیلایبرھارت وفرانز فانون).
تقرئين لأي من المؤلفين، وأي الكتب تشدك؟
لا یمكن أن تنحصر مطالعتنا للكتب فقط بل ھناك مقالات متفرقة، جرائد، قصاصات وغیرھا…أقرأ للكثیر حتى أولئك غيرالمشھورین، تجلبني العبارات المتفردة، أميلإلى قراءة مقالات حول الطب، السیر الذاتیة، مقالات حول السنیما، قصص متفرقة عن حالات اجتماعيةمنسية لمناطق الظل.
هل ترين أن المرأة الجزائرية نالت حقها في عالم الإنتاج الثقافي؟
الحدیث عن المرأة التي أخذت على عاتقھا مجال الثقافة أراھا امرأة شجاعة، لكن یبقى مجال الثقافة كبیر وواسع، من تعمل في المجال الثقافي فقط أو من تبدع في ھذا المجال أو من تكتب أدب، فأرى أن الإبداع النسوي في الجزائر، لازال مغلف بما یملیه المجتمع ولیس ما یحدث في المجتمع، لا یمكنك أبدا أن تكون كاتبا تحت الطلب، فالكاتب بصفة عامة والمرأة ككاتبة بصفة خاصة، إذا لم تكن تعيش الحريةفلا يمكنها أبدا أن تكتب بطريقةسليمة، وأقصد هناالحريةالفكرية والحريةفي الإبداع.
ألم تفكري في كتابة سيناريو قصة؟
كتابة السيناريو لها تقنياتها، وأنا في الحقيقة لا أجيد ذلك، ولكن يبقى حلمي أن أفعل لأنه يبدو لي متعبا.
كلمة أخيرة.
أتمنى الخیر للجمیع، أن نحب ما نعمل وأن نزرع الحب في كل مكان.
حاورتها: ميمي قلان