الحدث

انطلاق الملتقى الدولي “المقاومة الثقافية في الجزائر خلال الثورة التحريرية”

تحت إشراف وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي

أشرفت وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، أول أمس، بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال” بالجزائر العاصمة، على افتتاح أشغال الملتقى الدولي حول “المقاومة الثقافية في الجزائر خلال الثورة التحريرية، نضال من أجل التحرر”.

 وحضر أيضا افتتاح أشغال هذه التظاهرة الثقافية التاريخية، المنظمة من طرف وزارة الثقافة والفنون، برعاية من الوزير الأول، السيد أيمن بن عبد الرحمان، وزير الاتصال محمد بوسليماني ووزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة, ومستشارين لرئيس الجمهورية, وممثلين عن عدة قطاعات. وجرت مراسم افتتاح أشغال هذا الملتقى، الذي تجري فعالياته على مدار يومين والمندرج في إطار البرنامج الثقافي الخاص بإحياء الذكرى الـ 60 لعيد الاستقلال، بحضور جامعيين ومؤرخين وباحثين وفنانين من الجزائر وفلسطين ومصر وقطر وإيطاليا ونيجيريا ودول أخرى سيشاركون في مختلف ندواته ونشاطاته. وأكدت بالمناسبة، وزيرة الثقافة والفنون، أن هذا الملتقى يهدف إلى “إبراز عدالة الثورة الجزائرية وبعدها الإنساني، إلى جانب كشف الحجاب عن إسهامات الفعل الثقافي والفني في خدمة القضية الوطنية، مع تسليط الضوء على الشخصيات الفكرية والثقافية والفنية الوطنية والعالمية التي ساندت الثورة المظفرة من علماء وكتاب وفنانين وسياسيين على اختلاف توجهاتهم الفكرية ومدارسهم السياسية”. وأضافت السيدة مولوجي أن هذا اللقاء يرمي أيضا إلى “جمع وتوثيق الرصيد الفكري والثقافي والفني للكفاح الجزائري، وتكوين رصيد معرفي حول دور الثقافة والفنون في الثورة التحريرية يكون مصدرا مهما لكل الباحثين والمختصين في التاريخ والنقد الثقافي وعلوم الاجتماع والمعارف الإنسانية”. وأشارت الوزيرة إلى أن “الثورة الجزائرية كانت وستظل أهم الثورات في القرن الماضي كونها أنهت وجودا استعماريا استيطانيا دام أكثر من قرن، ولأنها عبرت عن إرادة استثنائية لتحرر شعب أعزل واجه أعتى القوى العسكرية في حوض المتوسط، وكانت على صعيد آخر دافعا حقيقيا للكثير من الشعوب المستعمرة كي تطلق كفاحها ضد المستعمر”. وأردفت السيدة مولوجي أن “الثورة الجزائرية وبما أحدثته من زلازل في الوعي الجمعي عالميا كان لها الصدى الكبير، واستطاعت أن تكسب التأييد والدعم لقضيتها، واستمالة الرأي العام الدولي لنصرتها، والاعتراف بمشروعيتها وحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره، برز في هذا السياق المثقف الذي كرس نفسه وإبداعاته لنصرة القضية ودعما للجندي الذي يحمل السلاح والسياسي المفاوض لتكتمل بذلك صورة ثورة الجزائري على الاستعمار والظلم والاستعباد والتجهيل”. وتميزت الجلسة الافتتاحية الصباحية لهذا الملتقى بتكريم نخبة من الشخصيات الثقافية والفنية الراحلة على غرار أحمد رضا حوحو، رابح أرزقي، محمد مختاري وأحمد وهبي. ويتناول هذا الملتقى العديد من المواضيع التي لها علاقة بالثقافة والأدب الشعبي والفنون والفكر، على غرار “دور الأناشيد الوطنية” و”معركة النشر والكتابة المساندة للجزائر”، وكذا “تجسيد الثورة الجزائرية في أعمال بعض الفنانين التشكيليين الجزائريين والعرب”. ومن هذه المواضيع أيضا “السينما الجزائرية ذاكرة متنازع عنها” و”دور الثقافة في مقاومة السياسات الكولونيالية” و”صحفيو يوغوسلافيا وحرب الاستقلال الجزائرية”، وأيضا “دور التمثلات الثقافية في الوعي الجمعي الجزائري للمقاومة” و”الأغنية الشعبية في الثورة التحريرية”، بالإضافة إلى “إسهام المسرح الجزائري في دعم الحركة الوطنية والثورة”. وللإشارة تم على مستوى بهو المركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال” تدشين معرض للكتاب يتضمن مجموعة من المؤلفات في شتى التخصصات الفكرية والعلمية، إلى جانب معرض للفنون التشكيلية يضم لوحات وورشات فنية حية من إنجاز طلبة معاهد مدارس الفنون الجميلة.

المتدخلون يبرزون الأبعاد الثقافية والقيم الإنسانية للثورة التحريرية

 أبرز عدد من المتدخلين في أشغال الملتقى البعد الثقافي والإنساني للثورة التحريرية والذي دفع كبار مثقفي العالم إلى الإلتفاف حولها ومساندة قيمها السامية. وأكد هؤلاء في مداخلات أن الثورة التحريرية شكلت بقيمها الثقافية والإنسانية “محطة حاسمة وجوهرية ” في تاريخ مكافحة الكولونيالية، حيث كانت “محل احترام وتمجيد من طرف كبار مثقفي العالم بفضل ما أنتجته من قيم ثقافية وفنية ومبادئ إنسانية ارتكز عليها كفاحها ومقاومتها ضد الاستعمار”. وأكد، في الصدد، الأمين العام للجمعية العربية لعلم الاجتماع بفلسطين، محمد نعيم فرحات، أن الثورة الجزائرية “واحدة من أهم التجارب الانسانية الحديثة في التحرر والانعتاق، وهي بمثابة انعكاس لقوة الثقافة الجزائرية ودورها في إنتاج المقاومة والتأسيس لكل أشكال المقاومات الأخرى”. وتطرق الباحث الفلسطيني في سياق كلامه إلى قوة البعد الثقافي للثورة التحريرية الذي برز عبر مختلف مراحل المقاومة الشعبية والحركة الوطنية، مشيرا إلى أن القيم الثقافية للمقاومة “رسخت روحها ومقولاتها في الوعي الجمعي والفردي الجزائري على نحو عميق وملفت”. وأضاف ذات المتحدث أن “اعتماد قيمة التضامن مع الآخرين المظلومين حيثما كانوا كمكونات ثقافية نابعة من قيم الثورة الجزائرية وتحويلها إلى خيار وممارسة سياسية دائمة هو أمر ليس متاحا لكل المجتمعات”. واعتبر، في هذا الصدد، أن “موقف الجزائر من فلسطين وقضيتها يشكل معيارا حاسما لخياراتها الثقافية والرمزية والاخلاقية (..) ومن أعلى تعبيراتها عن جوهر وعيها وعن خياراتها”، على حد قوله، مشيدا بـ “التزام الجزائر بالغ الوضوح بشأن فلسطين”. وختم فرحات بالقول إنه “في الأزمنة الراهنة تقوم الجزائر بإعادة إنتاج دورها وحضورها السياسي الوازن في محيطها القريب والبعيد، وتفصح عن خيارات منسجمة مع منطلقاتها الثقافية المستقرة”. وتطرق، بدوره، الباحث والمؤرخ الإيطالي غاليي نازارينو، إلى ملامح من الدعم الإيطالي للثورة التحريرية، وذلك من خلال تجربة صديق الثورة، الناشر والمثقف الإيطالي جيوفاني بيريلي, الذي ساند القضية الوطنية العادلة والكفاح التحرري الجزائري على غرار نخبة من أهم مثقفي العالم الذين فضحوا ممارسات التعذيب الوحشية ضد الجزائريين وساهموا بذلك في تدويل القضية الجزائرية وحشد وتعبئة الرأي العام الدولي. ولفتت الباحث الإيطالي الى أن بيريلي يعد “من أبرز المثقفين الذين التزموا بمساندة الثورة الجزائرية، حيث لم تقتصر المقاومة والصمود على صعيد الكفاح المسلح والعمل الدبلوماسي فقط بل أثمرت قيما ثقافية أبهرت العالم”، لافتا إلى أن بيريلي “اعتمد على الثقافة كعامل هام لنسج جسور ثقافية بين الجزائر وإيطاليا وإيصال صوت الثورة للعالم”. وأبرز نازارينو أن بيريلي “عمل على دعم الثورة الجزائرية من خلال النضال الثقافي لدار النشر “إينودي” التي أسسها لدعم حركات التحرر في العالم، حيث قام بعد لقائه مع صديق الثورة المناضل فرانس فانون في 1955 بإصدار مؤلف يضم شهادات المجاهدين الجزائريين وإبراز القيم الثقافية والإنسانية للثورة التحريرية”. وأضاف أن بيريلي ساهم ضمن جهود التضامن الإيطالي مع القضية الجزائرية وكفاح التحرير الوطني مساهمة فعالة حيث التزم التعريف بوجهة نظر الجزائريين وقام بنشر ترجمة للمؤلف المناضل هنري علاق “المسألة” سنة 1958، ومؤلف بعنوان “رسائل الثورة الجزائرية”، وغيرها من الكتب.

ق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى