الثـقــافــة

المسرح الجهوي بالنعامة يحتضن تجربة فنية فريدة

أيام صناعة وتحريك الدمى تفتح آفاقا جديدة في المسرح التربوي

 يشهد المسرح الجهوي “أمحمد بن قطاف” بولاية النعامة هذه الأيام حراكا ثقافيا مميزا، من خلال تنظيم أيام صناعة وتحريك الدمى، التي تُعدّ أول تجربة من نوعها بالولاية، تحت إشراف الفنانين “عقبة فرحات” و”أغا عبد الصمد”، بمبادرة من إدارة المسرح الجهوي. وقد جاءت هذه التظاهرة لتجمع بين الحرفة الفنية والبعد التربوي، وسط أجواء طبعها الإبداع والتفاعل والتجريب.

وفي تصريح لمدير المسرح الجهوي بالنعامة، السيد “إبراهيم جاب الله”، أكد أن هذه الأيام التكوينية بلغت مرحلتها الثالثة، والمتمثلة في تجسيد العروض المسرحية، بعد أن خُصصت المرحلة الأولى لصناعة الدمى، والثانية لتعلم تقنيات التحريك، وهو ما يجعل منها تجربة فنية شاملة تستهدف صقل مهارات الشباب والهواة في مجال فن العرائس.

وقُسّمت التظاهرة إلى ورشات تخصصية، تولّى فيها الفنان “عقبة فرحات” تأطير جانب صناعة وتحريك الدمى، في حين أشرف الفنان “أغا عبد الصمد”= على ورشات التمثيل والإخراج، مستندين إلى خبرة طويلة في هذا المجال الإبداعي الدقيق. وقد تلقى المشاركون تكويناً مكثفاً في تصميم الدمى باستخدام خامات متنوعة، وأساليب تحريكها المسرحي، إلى جانب الأداء الصوتي والتفاعل مع الموسيقى والضوء في السياق الدرامي.

وحرص المؤطران على منح المشاركين أدوات عملية للتعبير الفني، وتعليمهم كيفية إضفاء الحياة على الدمى من خلال الحركة، الصوت والتفاعل الإبداعي، ما جعل التجربة غنية ومحفّزة. وقد وصف عدد من المتربصين الورشات بأنها “ملهمة ومختلفة”، نظراً لما وفرته من مساحة للابتكار والانخراط الفني الحقيقي، تحت إشراف فنانين محترفين.

من المنتظر أن يُقام خلال حفل الاختتام عرض فني تركيبي، يشارك فيه المتربصون من خلال مشاهد مسرحية حيّة للدمى، تمزج بين الطابع التربوي والبعد الرمزي الثقافي. وستُعرض لوحات مستوحاة من يوميات الطفل الجزائري، وقيم المجتمع، ضمن نصوص تمثيلية بلمسة شبابية نابعة من تجربة الورشات، وهو ما يؤكد النجاح البيداغوجي والفني لهذه المبادرة.

وفي كلمته، شدد مدير المسرح، “إبراهيم جاب الله”، على أن هذه المبادرة تُعد “خطوة أولى نحو إدماج فن العرائس في المنظومة الثقافية المحلية”، مشيرا إلى أن الدمية ليست مجرّد وسيلة ترفيه، بل كائن تعبيري له بعد ثقافي، تربوي وإنساني. كما دعا إلى الاستثمار في هذا الفن لإحياء عناصر من التراث الشعبي وتكييفه مع الحاضر، بما يخدم أهداف التربية الثقافية والفنية للطفل.

من جانبه، أشار الفنان “أغا عبد الصمد” إلى الحماسة اللافتة التي أبداها الشباب طيلة أيام التكوين، مؤكدا أن “مستقبل مسرح مرتبط بنشاط الشباب في هذا النوع من المسرح التربوي.

هذا، ولقيت هذه الأيام استحسانا واسعا من قبل الجمهور والمشاركين والفاعلين الثقافيين، حيث اعتُبرت لبنة هامة في مسار ترقية الفعل الثقافي المحلي، خاصة في ولاية تسعى جاهدة إلى تفعيل المشهد المسرحي واحتضان الفنون الموجهة للطفل والشباب، والتي تندرج حسب القائمين عليها، ضمن برنامج استراتيجي للمسرح الجهوي بالنعامة، يهدف إلى تعزيز التكوين، وتحفيز الطاقات الإبداعية، وتكريس المسرح كفضاء تثقيفي وتربوي دائم في المنطقة.

وبهذا الحدث النوعي، ترسم النعامة ملامح تجربة مسرحية فريدة، تعيد إلى الواجهة فن العرائس كوسيلة راقية للتعبير الجمالي والإنساني، وبين يدَي “عقبة فرحات” و”أغا عبد الصمد،” ارتسمت ملامح مشروع ثقافي طموح، يؤسس لمرحلة جديدة من الانفتاح على الفنون التكوينية والتعبيرية، ويؤكد على أن الجنوب الغربي الجزائري يزخر بطاقات إبداعية تستحق كل دعم ورعاية.

ابراهيم سلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى