
الأسلاك الشائكة والمكهربة التي اتخذتها الجنرال ديـغـول كأقوى قاعدة عسكرية في الناحية لصدّ هجومات جيش التحرير بمنطقة الحدود للقضاء على الثورة الجزائرية.
كانت منطقة الحدود الغربية خلال ثورة التحرير عـبارة عن قطعة من جهنم، المنطقة المحرمة، الأسلاك الشائكة بخطّـيها الكهرباء ذي الطاقة العالية، الدبّابات في كل مكان مدافع الميدان، المحتشدات، السماء لا تهدأ بضجيج الطائرات فعندما يكتشف العدو تحركات المجاهدين، حيث يحاولون اجتياز الحدود تهتز الأرض وطأة انفجار القنابل، وكانت قذائف النّابالم تفعل فعلتها الشنيعة، فحين تسقط في أي مكان يلتهب كل شيء، زيادة على الألغام الرهيبة التي كانت تغدو بنا.
أحد المجاهدين ممن عايشوا الحدث يقول إن أحد المخابئ التي زاروها خلاله تحقيق مصور وجدوها مغلقة بالإسمنت سمنت المسلح، وبداخلها ثمانية شهداء من بينهم امرأة فكان المنظر مؤثرا وعند توسعهم في هذا المجال وجدوا عدة أماكن بها مخابئ مغلقة هي أيضا بالإسمنت وبداخلها رفاة الشهداء في تيرني وفي سيدي موسى تحديدا، حيث أغلقت قوات العدو فوهاته المخبأ بالإسمنت كعادتها وبداخلها مجاهدون لا يزالون حتى الآن تحت الحصار، وفي البحر بعين الدجاج هناك مخبأ آخر أغلق هو أيضا.
الفرنسيون استعلموا كل الوسائل لمنع المجاهدين من التسلّـل من وإلى خارج الجزائر، حيث كانت الحدود الغربية هي النقطة الوحيدة التي غابت عن المخابرات الفرنسية، حين كانت ترسو البواخر محمّـلة بالأسلحة بالناظور المغربية، حيث تسلحت عدة كتائب بأنواع الأسلحة التالية: رشاشة طومسون، مدفع رشاش بران، فعندما تفطنت القوات الاستعمارية سارعت إلى وضع الأسلاك الشائكة الخطوط المكهربة (شارل موريس) لتطويق الثورة الجزائرية، واستطاع ثلة من المجاهدين اجتياز الحدود، ولم تنقطع هذه الكتائب وهي تعبر بالأسلحة وذخيرتها الحربية لتزويد المناطق الداخلية، وحسب تقرير المنطقة الشمالية للعمليات الحربية وقيادة الأركان والتي كان اجتيازها على جبال عصفور، حيث في 03 مارس 1961 تم عبور كتيبة من المجاهدين عـدد 79 مجاهدا عن طريق جبل عصفور، وفي 04 مارس من نفس السنة تم تسرب 41 مجاهدا عن طريق سيدي لخضر للمنطقة الثانية، في 03 أبريل 1961 تم دخول 68 مجاهدا بالقوة عن طريق جبل عصفور، وفي 24 أبريل من نفس السنة تم اجتياز بالمواجهة 77 مجاهدا عن طريق جبل عصفور في طريقهم للمنطقة الخامسة لسيدي بلعباس، وفي 29 ماي 1961 تم اجتياز عن طريق القوة 58 مجاهدا بجبل عصفور في طريقهم إلى المنطقة الرابعة في خلال ثلاثة أشهر فقط مارس ـ أفريل ـ ماي 1961 تم اجتياز بمواجهة التيار والتحدّي للقوات الفرنسية والأسلاك الشائكة ومناطق الألغام 323 مجاهدا محمّل كل واحد منهم أسلحتين و1000 رصاصة، بالإضافة إلى القنابل اليدوية في طريقهم إلى المنطقة الأولى والثانية والخامسة والرابعة والسابعة، لكن أغلبهم قد استشهدوا في الطريق، منهم 150 مجاهدا في ليلة واحدة بالمنطقة المحرّمة.
بعد القنابل…الأسلاك الشائكة والألغام، تعدم ألآف الجزائريين
عـندما اشتدّ على الجيش الفرنسي ضربات المجاهدين والمناضلين والفدائيين، عمد إلى إحداث المناطق المحرمة، وهي عملية يتمّ من خلالها إفراغ مناطق معينة من سكانها ونقل هؤلاء إلى مراكز هي أشبه بالسجون، سميت باحتشام ( مراكز التجمّع )، وعندما تمركزت وحدات من جيش التحرير بالمناطق الحدودية وأخذت في تنظيم عمليات التسليح بالنسبة لوحدات جيش التحرير في الداخل عمدت الدّولة الفرنسية وآلتها الحربية إلى بناء خطّين عرفا باسم (شال و موريس)، وقد بيّنت دراسة فرنسية أهمية نشاط جيش التحرير في الحدود الغربية، وذلك بقلم أحد الجنرالات المعروف بــ (موريس فيفر) الذين شهدوا العمليات وكذلك بناء الحواجز المكهربة في الحدود خاصّة أنّ هذه الأخيرة عرفت ضغوطات وحصارا شديدا من طرف القوات الاستعمارية، حيث شهدت اشتباكات دامية عديدة عند محاولة عبور الحدود المفروشة بالألغام والأسلاك وهو وزير الدّفاع الفرنسي آنذاك (أندري موريس)، وقد شرعت السلطات الفرنسية الاستعمارية سنة 1957م في انجاز هذا الخط بالجبهة المغربية لشلّ وغلق المنفذ الذي هو مصدر تموين الثورة، أما الوسائل فقد كانت تقضي بإقامة خط من أربعة إلى عشرين خط متوازية ومتباعدة من الأسلاك الشائكة بحيث يكون العرض بالنسبة للمساحة المغطاة لا يقلّ عن خمسة أو ستة كيلومترات ويصل في معظم الأحيان إلى عشرين كيلومترا عرضا، وكان شريط خط موريس في البداية طوله 200 كم يبدأ من بورساي (مرسى بن مهيدي) ويشمل السهول الغربية المتاخمة للحدود الغربية، ووصلت الخطوط المكهربة سنة 1959 إلى حوالي 750 كلم وبذلك أصبحت الأسلاك الشائكة تغطّي كامل الشريط الحدودي من بورساي إلى جـنوب بشار في الناحية الشمالية الممتدّة من بورساي إلى البويهي لا تفصله عن الحدود المغربية سوى بضعة مئات من الأمتار، من ثلاثة إلى أربعة كيلومتر، يضاف إلى ذلك العدد الهائل من الوسائل الدّفاعية والمتمثلة في القوات المستعملة لحراسة الخطوط والعتاد العسكري المستعمل من طرف هذه القوات، وكذلك الوسائل الهجومية من ألغام من مختلف الأنواع وخاصّة تلك المضادّة للأشخاص، مدفعية الميدان، سلاح الإشارة، الطيران والقوات الخاصّة، أمّـا التكلفة المالية للخطّين فإنها باختصار شديد تتمثّل في 244 مليون فرنك، أي ما يقارب 25 مليار سنتيم لإقامة الخطّين يضاف إلى ذلك نفس المبلغ بالنسبة للتجهيزات وقيمة الألغام المزروعة، والتي تعدّ بالملايين، إذ كان في معدّل 50 ألف في كلّ 20 كيلومتر، حيث المسافة بين كلّ لغم لا تتعدّى 50 سم وهذا حسب أهمية المكان وخطورته، هذا فضلا عن قوّة التيار الكهربائي التي كانت تتراوح ما بين 5000 إلى 20 ألف فولت، وحسب ما أفادت بعض التصريحات الرسمية أنّ ما تمّ انجازه وما زرع من هذه الألغام قد تقرّر في أعلى مستوى من المسؤولية وذلك على النّحو التالي :
(1)- بُدِأ تشييد الأجزاء الأولى من الخطّ الشّرقي في 1956 بتمويل من ميزانية الجزائر أي بموافقة الحاكم العامّ.
(2)- في اجتماع هيئة الأركان الفِرنسية في 17 جوان 1957م، وبمناسبة دراسة الوضعية المترتّبة عن استقلال تونس تقرّرت إقامة (مجموعة دفاعية متماسكة).
(3)- في اجتماع نفس الهيئة في 24 جويلية 1957 تقرّر بالنّسبة للناحية الغربية تدعيم الدّفاعات الفرنسية في مركز (زوج بغال) ثمّ توسيع ذلك إلى باقي مناطق الحدود الغربية.
ورغم كلّ هذه الحواجز الجهنّمية وكلّ هذه المعدّات العسكرية إلاّ أنّ المجاهدين الأشاوش استطاعوا اقتحام هذه الخطوط النّارية واجتيازها وتمرير العتاد والمجاهدين من الدّاخل إلى المغرب ومن المغرب إلى الدّاخل تعتمد وسيلة العبور على عـدّة طرق. في البداية كان المجاهدون يتجنّبون الأسلاك المكهربة ويعبرون عبر الشعاب والأودية ثمّ عبر الأنفاق المحفورة لهذا الغرض، ثمّ أصبح المجاهدون يقطعون الأسلاك ويُزيلون مفعول الألغام بواسطة الآلات القاطعة واستعملوا المتفجّرات لتخريب مواقع الأسلاك واستعملوا البنغالور، وهي جعبة مجهّزة بالمتفجّرات تمكّن المرور عند انفجارها، وقد عان سكان الناحية من خطر الألغام الكثيرة بعد الاستقلال، حيث نرى منهم الكثير من المعطوبين بسببها، وقد تمكنت الهندسة العسكرية بتطهير معظم المنطقة من الألغام. إذن هكذا كانت الحدود الغربية وقودا للثورة الجزائرية، فالطائرات كانت تقنبل باستمرار المد اشر والقرى، المحاصيل الزراعـية وتحرق البساتين والغابات، وكانت الوسائل المفضلة هي قنابل النّـبالم المحرّمة دوليا.
الأسلاك الشائكة والمكهربة
تعتبر شبكة الأسلاك الشائكة من الموازع الإصطناعية وهي تتألف من أوتاد معدنية أو خشبية مغروسة في الأرض على 4 أو 5 صفوف، ويصل بينها جبهيا وقطريا أسلاك شائكة معدنية وتكون المسافة بين الأوتاد 1.5م، كما تكون المسافة بين الصفوف 1.5م أيضا، حيث تنصب شبكة الأسلاك الشائكة على مسافة 50/60م أمام مواقع المنشأة، ويكون قبلها عادة حقل ألغام مضادة للدبابات ونقل ألغام مضادة للمنشأة، وتدعم الشبكة نفسها بفخاخ وألغام مضادة للأشخاص لمنع العدو اجتيازها، كما تدعم بألغام منيرة تتفجر وتضيء المكان إذا ما حاول العدو إجتياز الشبكة أو قطع أسلاكها، وتكمن مهمة الأسلاك الشائكة في منع العدو من مفاجأة المدافعين والحد من سرعة إندفاع المهاجمين خلال مرحلة الإنقضاض الهجوم)، ولا تستطيع شبكة الأسلاك الشائكة إيقاف الدبابات التي تستطيع سحقها وتجاوزها، ولمنعها من المغامرة في مثل هذه العملية تعزر بألغام مضادة للدبابات تزرع وسط الشبكة نفسها، ولشبكات الأسلاك الشائكة الثابتة حسب إرتفاعها ثلاثة أنواع هي :
(1)- الشبكة العادية: وتنصب في الأرض العادية ويكون إرتفاعها أوتاد فوق سطح الأرض 120سم، وعمق الشبكة 4.6 إلى 6م وهي تدعم من الجانبين بأسلاك شائكة أو عادية للشد مربوطة بأوتاد قصيرة ومغطاة بأسلاك شائكة.
(2)- الشبكة العالية : التي يكون إرتفاعها فوق سطح الأرض من 160 إلى 180سم، وعمقها يتراوح من 1.5 إلى 3م وتنصب هذه الشبكة في مناطق التشكل الحساسة وحول المعسكرات والمطارات وتدعم من الجانبين بأسلاك شد وبشبكة عادية.
(3)- الشبكة المنخفضة: وتنصب في الغابات والمناطق المغطاة بالأعشاب، كما تنصب تحت الماء على الشاطئ أو على ضفاف الأنهار ويكون إرتفاعها عن سطح الأرض حوالي 30 إلى 40 سم وتتميز هذه الشبكة بإمكانية إخفائها بحيث تفاجئ العدو خلال (الإنقضاض الهجوم)، بالإضافة إلى الشبطات الثابتة المذكورة فإنه من الممكن إستخـدام شبكات متحركة قابلة للطي (كونسرتينا)، وهي عبارة عن شبكات أسطوانية يبلغ طولها 10م وقطرها يتراوح من 70 إلى 90م وتمتاز “الكونسرتينا” عن شبكة الأسلاك الثابتة بأن نصبها في مكان آخر عند تبديل الموقع لا تتطلب غزو أوتاد كثيرة في الأرض، ولذا فهي تستخدم في الجبال والمناطق الصخرية.
فكرة إنشاء خط موريس وشال…
تعود فكرة إنشاء الخطين إلى الجنرال “فانكسام Vanuxem قائد منطقة الشرق القسنطيني الذي أراد تطبيقها في الفيتنام أثناء حرب الهند الصينية غير أن ذلك لم يتم بسبب هزيمة فرنسا في ماي 1945 هناك، لكن الفكرة بقيت في ذهنه وراودته في بداية الخمسينيات، وهكذا طبقت هذه الفكرة الجهنمية في الجزائر على يد “أندري موريس” الذي اقترح إنجاز خط مكهرب يفصل الجزائر عن الحدود الجزائرية المغربية التونسية في نهاية عام 1956م وبداية 1957م بعد تقديمه للبرلمان الفرنسي الذي صادق عليه فأصبح هذا المشروع يحمل اسم صاحبه “خط موريس” كما عرف بـ “سد الموت” أو “السد القاتل” أو “الثعبان العظيم”، ولقد استفاد “أندري موريس” شخصيا من هذه الصفقة المربحة باعتباره شريكا في مصنع الأسلاك الشائكة التي تزود الخط المكهرب بالمواد الأولية، ويصرح وزير الدفاع أنه استوحى قراره هذا إنشاء الأسلاك من قرارات مؤتمر الصومام القاضية بأولوية الداخل على الخارج، والذي رأى فيه وسيلة يمكن من خلالها تشتيت شمل قادة الثورة الجزائرية.
خــط مــوريــس…
تعود فكرة إنشاء هذا الخط إلى وزير الدفاع في حكومة بورجيس مونوري الفرنسي “أندري موريس” الذي اقترح إنجاز خط مكهرب يفصل الجزائر عن الحدود الجزائرية التونسية في نهاية 1956م وبداية عام 1957م، وبعد مصادقة البرلمان الفرنسي على هذا المشروع أصبح يحمل إسم صاحبه “خط موريس” وانطلقت فيه الأشغال في أوت 1956م في مناطق متعددة، يمتد الخط من الجهة الشرقية على مسافة 320 كلم من عنابة مرورا ببن مهيدي، فالذرعان، شيحاني، دريان، ليتفرع بعدها لحماية الطريق والسكة الحديدية ويمتد حتى بوقـموزة، بوشقوف إلى تبسة بإتجاه الكويف، بئر العاتر فسوق أهراس، ليمتد نحو الصحاري بواسطة أجهزة الرادار. أما عن الجهة الغربية فقد إمتد من بورساي أحفير تلمسان، مشرية، عين الصفراء، القصور ليصل إلى إيقلي جنوب بشار مغطيا بذلك مسافة تقدر بـ 700 كلم، كما يتراوح عرض الخط بين 6 إلى 25 متر حسب نوعية الأرض، أما ارتفاعه فحوالي مترين، يتكون من شبكة من الأسلاك الكهربائية الشائكة الدائرية وأخرى ممتدة أفقيا وعموديا مدعمة بأسلاك مكهربة تصل قوتها إلى 12000 فولط، كما وضعت هناك عدة مفاصل تقنية تتحكم قوة التيار الكهربائية، بحيث إذا قطع سلك التيار الكهربائي في مفصل معين بقيت المفاصل الأخرى مشتعلة وسليمة، ونفس الشيء في حالة إجراء بعض الإصلاحات فإن التيار يقطع من المفصل الذي تجرى فيه الإصلاحات فقط، بينما الأماكن الأخرى تبقى ممونة بالتيار بالإضافة إلى هذا فقد أحيط الخط بحقول لألغام متفرعة حسب إستراتيجية الأماكن منها ألغام مضادة للأفراد وأخرى مضادة للجماعات وأخرى كاشفة ومضيئة إلى جانب وجود أجهزة إلكترونية كالرادارات وأبراج المراقبة، ولقد شرع في إنجاز خط موريس وحدات من الهندسة العسكرية تحت إشراف خبراء في كافة الميادين إلى جانب الحركى والعملاء وبعض من وظفوا تحت ستار القضاء على البطالة.
خــط شــال…
أطلق على هذا الخط إسم “شال” نسبة إلى الجنرال الفرنسي “موريس شال” قائد القوات الفرنسية في تلك الفترة بين (1959-1960م)، الذي شرع بدوره في إنجاز ثاني خط مكهرب خلف الخط الأول من الجهة الشرقية من الشمال إلى الجنوب لتدعيم خط موريس وذلك في بداية سبتمبر 1959م إنطلاقا من غرب وشرق القالة، ليتجه الجزء الأول منه نحو أقصى الشرق ليبلغ نقطة الحدود التونسية ثم يعود على شكل دائري ليتجه مع الجزء الآخر نحو الجنوب محتضنا كل المدن والقرى الواقعة على الشريط الحدودي حتى يقترب من خط موريس بالقرب من مدينة سوق أهراس ليتجها معا نحو الجنوب، حيث يتكون هذا الخط (شال) من أسلاك مكهربة شائكة تحمي الدبابات من النيران والقذائف التي يطلقها جيش التحرير، وبجوار هذا الخط المكهرب يوجد حقل الألغام المضيئة والألغام المضادة للجماعات يتراوح عرضه ما بين 12 إلى 400م وربما يتجاوز ذلك حسب طبيعة ونوع المكان هذا إضافة إلى إقامة حزام من الأسلاك الشائكة لحماية تسرب الحيوانات إلى حقل الألغام عرضه حوالي أربعة أمتار شرع في إنجاز الخط بنفس الطريقة التي اتبعها الجنرال “موريس” بحيث يقوم بالعملية المساجين والمعتقلين والعملاء تحت إشراف الجيش الفرنسي وخبراء مختصين في الهندسة العسكرية، هذا ولقد قسم منجزوا خط “شال” وحتى خط “موريس” حسب المناطق التي يقطنون فيها، فالعمال الذين يقطنون مثلا بـبوحـجار ينجزون فقط المسافة التي تربطهم بالمنطقة التي تليهم حتى سوق أهراس ويتولّى عمال المنطقة الموالية مواصلة الإنجاز وهكذا تتم العملية. ومن خلال هذا الإستعراض الموجز لكيفية تطويق الإستعمار الفرنسي للحدود الجزائرية ومحاولة القضاء عليه بشتى الطرق ومدى صموده أمام هذه الشباك والوسائل الصعبة ندرك مدى قوة الثورة وشدتها وإحباط فرنسا وفشلها أمام المقاومات المتتالية للثورة والجزائريين. وبالنسبة لأجيال الجزائر فإن تاريخ الثورة التحريرية المباركة سيبقى يشكل الدعامة لاستنباط واستقراء الوحدة والسلم في مواجهة أي مؤامرات خارجية لضرب استقرار البلاد وتنغيص المكتسبات المحققة، ومنح الفرصة لأيادٍ خارجية للتدخل، ويعطي القوة لاستكمال مسيرة البناء الوطني التي رسمت معالمها مبادئ ثورة نوفمبر المجيدة، خاصة وأن الجزائر عادت للعب دورها الإقليمي الريادي في مواجهات تحديات راهنة تستوجب ضرورة التفاف كل شرائح الشعب الجزائري على طريقة الالتفاف الذي كان الشعب الجزائري يصنعه لدحر الاستعمار الفرنسي.
أمــيــر