
شهـدت ولاية تلمسـان مؤخـرا انطلاق موسم جـني الزيتون للموسم الفلاحي 2025ـ 2026، حيث استعادت العديد من الحقول والبساتين خلالـها حيويتها مع انطلاق موسم الجـني، المنتشرة عبر مختلف المناطق الفلاحية، خاصة منها المشهورة بزراعة مختلف أنواع أشجار الزيتون، على غـرار مغنية، بني بوسـعـيد، الرمشي، فلاوسن، سيدي مجاهـد، ندرومة، صبرة، أولاد ميمون وزيتون بني سنوس هو من الأنواع الجيدة والمعروفة في المنطقة، ويتميز بمذاقه اللذيذ والغني.
يتم استخدام الزيتون من أنواع مثل “الطور” و”الأحمر”، والتي تزرع في تربة المنطقة الجبلية، ويأمل الفلاحون أن يحقق هذا الموسم الجديد من الجني محصول جيد بعـد الجفاف الذي أطال أمده خلال السنوات الأخيرة وتأثيرات سلبية على إنتاج الزيتون بالولاية.
هـذا، وكانت مصالح مديرية الفلاحة لولاية تلمسان وفي في إطار متابعة عملية جني الزيتون للموسم الفلاحي 2025ـ2026، قـد عقدت بتاريخ 17 سبتمبر 2025 بمقـر المديرية اجتماعـا تنسيقـيا ترأسته السيدة المديرة “عمراني كريمة”، بحضور كافة الفاعلين في هذا القطاع، أين خصّص هذا اللقاء لدراسة ظاهرة الجني العشوائي وغير المنظم لمحصول الزيتون، والتي تتكرر سنويا قبل الموعد الرسمي المحدد لانطلاق العملية بتاريخ الـفاتح أكتوبر من كل موسم، مما دفع بالجهات المختصة، من خلال هذا اللقاء إلى إعادة تفعيل القرار الولائي المنظم لعملية الجني، واتخاذ إجراءات ردعية ضد كل من يخالف التاريخ الرسمي المحدد، ضمانا لحسن سير العملية وحماية مصالح المنتجين والفلاحين على مستوى الولاية، خاصة وأن المصالح الفلاحية المحلية جنّدت كل الوسائل الضرورية لإنجاح هذه الحملة من خلال فـتح أبواب 31 معصرة للزيت تتوفر عليها الولاية و19 وحدة لتصبير الزيتون.
حيث تأمل المصالح الفلاحية لولاية تلمسان، أن يسجل القطاع هذا الموسم رقما قياسيا في الإنتاج، وأن ذلك راجع إلى إقـبال الفلاحين على هذه الشعبة وتعويض الأشجار غير المنتجة مدعوما بالخبرة الطويلة للفلاحين وإتباع أفضل الممارسات الزراعية الحديثة، كاستعمال تقـنية السقي بالتقطير، بما في ذلك التسميد المنتظم، والعـناية بأشجار الزيتون، ومكافحة الآفات بشكل فـعّال، وكـذا برنامج الوزارة الموجه لتطوير هذه الشعبة، حيث تتوقع أن يصل محصول إنتاج الزيتون بولاية تلمسان إلى 541 ألـف و960 قـنطارا خلال حملة الجني للموسم الفلاحي الحالي، التي تستهدف مساحـة تـقـدّر بـ 15 ألـف و940 هـكـتار مع توقع مردود متوسط يصل إلى 35 قـنطار في الهكـتار.
كما ينتظر أن يتم توجيه 216 ألـف و784 قنطارا من المحصول للاستهلاك والذي يتمثل في زيـتون المائـدة، و325 ألـف و176 قنطارا للتحويل إلى زيت الزيتون، بمردود متوسـط يصل إلى 20 قـنـطارا في الهكـتار. وحسب توضيحات المصالح الفلاحية للولاية، أن إنتاج الزيتون سيشهد هذا الموسم ارتفاعا مقارنة بالعام الماضي، أين تم تسجيل إنتاج أزيد من 317 ألف قنطار بمعدل 20 قـنطارا في الهكتار الواحد، مرجعـة أسباب هذا الارتفاع إلى الظروف المناخية التي سبقت حملة جني الزيتون مقارنة بالموسم المنصرم، الذي أثرت فيه الرياح الساخنة على عملية إزهار الثمار ما تسبب في ضياع المنتوج.
“بوحسون عـبد الحميد”مـنـتـج للـزيتون
بسبب دعم الدولة للفلاحين…إقبال على زراعة أشجار الزيتون
السيد”بوحسون عـبد الحميد”، منتج مختص في زراعة أشجار الزيتون ورئيس الاتحاد الولائي للفلاحين الأحرار، وفي تصريح خص به “البديل”، أكد أن دائرتي مغنية وبني بوسعـيد، وخاصة على مستوى مناطق الشبيكية، سيدي مجاهد، ربان…وغيرها، تشهد في السنوات الأخيرة إنتاج قياسي في عملية جني مادة الزيتون، وهذا راجع إلى الدعـم الإقبال الكبير من قبل الفلاحين على الاهتمام بغرس هذا النوع من الأشجار منذ سنة 2003 ، نظير الدعم الذي أولته الدولة للفلاحين عن طريق مصالح مديرية الفلاحة ومدرية الغابات بولاية تلمسان.
فاليوم، معظم المستثمرات الفلاحية تجني ثمار هذه المجهودات وتحقيق الاكتفاء الذاتي في هاته المادة من الزيتون ذات الجودة العالـية، مضيـفا أنه يمكن إحصاء عـبر مختلف مناطق دائرتي مغنية بني بوسعـيد ما يقارب مليون شجرة زيتون تتوزع على عـدة مستثمرات فلاحية بمعـدّل 500 إلى 1000 شجرة في المستثمرة الواحـدة التي تم غرسها بفضل دعم الدولة للقطاع الفلاحي لهذا النوع من الأشجار، باعـتبـار أن المناخ بهذه المناطق ملائم ومناسب لغرس أشجار الزيتون، مما جعل الفلاحون ينافسون بينهم في زراعـة وإنتاج مادة الزيتون، وفي فترة الجني تستقبل هاته الدائرتين عدد من التجار الذين يتسابقون في شراء الزيتون، خاصة القادمين من منطقة بولاية معسكر.
وبخصوص أسعار الزيتون أضاف ذات المتحدّث، أن هذه السنة انخفضت مقارنة بالسنة الفارطة وذلك راجع لوفرة الإنتاج هذه السنة، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد من الزيتون ما بين 100 دج إلى 200 دج حسب النوعية والجودة، مبرزا في ذات السياق أن شجرة الزيتون الناضجة الواحدة يتراوح متوسط حجمها من الإنتاج ما يقـرب من 15 إلى 20 كيلوغرام من الزيتون سنويا، ويمكن ـ حسبـه ـ لأشجار الزيتون عالية الجودة أن تنتج حوالي 100 كيلو غـرام في السنة، أما فيما يتعلق بإنتاج الزيت من كل 08 إلى 10 كيلوغـرام من الزيتون، يمكن الحصول على حوالي لـتر واحـد من زيت الزيتون.
هذا، وطالب السيد “بوحسون” من الجهات الوصية، تحديد تاريخ موعـد انطلاق عملية جني الزيتون، خاصة مع انتشار في السنوات الأخيرة ظاهرة جني الزيتون قبل موعده وجنيه دون أن يستكمل نضجه، إلى جانب ذلك محاربة ظاهرة سرقة صابة الزيتون والاعتداءات على الأشجار، التي تكررت مع ككل موسم مع قرب عملية جني الزيتون.
مستثمرات فلاحية كبرى لحماية أشجار الزيتون
يعـتبر “قـنـدوسي عـبد الحليم”، الأمـيـن الـعام للجمعـية الوطنية لـتـرقـية زراعـة الزيتـون، أن تحسين إنتاج الزيتون ومشتقاته بولاية تلمسان يستلزم التفكير في إنشاء مستثمرات فلاحية كبيرة مساحتها تزيد عن 50 هكتار، ما من شأنه أن يسهل حسبه حفر الآبار وإنجاز شبكات للري، يتم الاستعانة بها في حال شح الغيث، كما تسمح المستثمرات الكبرى بحماية أشجار الزيتون من خلال عمليات معالجة الأمراض ومكافحة الحشرات الضارة، ناهيك عن استعمال الآلات لقطف الغلال.
وبالحديث عـن القطف، أشار رئيس مجلس زراعة الزيتون بتلمسان، إلى قلة اليد العاملة ما يزيد في تكلفتها وينعكس على سعر الزيتون وزيت الزيتون، كما اعتبر أن إنشاء مؤسسات فلاحية مصغرة تضم 4 أو 5 مزارعـين، سيسهل عليهم اقتناء آلات القطف ومتابعة دورات تكوينية في آليات القطف الحديثة ومعالجة الأمراض وتقليم الأشجار.
كما عرض ذات المسؤول، إنشاء تعاونيات لتنظيم القطاع فيما يتعلق بشراء الزيتون وبيع الشجيرات والأسمدة، وتملك ولاية تلمسان مؤهلات عالية في مجال الزيتون، حيث يتراوح سعر زيت الزيتون هذه السنة بين 700 و900 دج للتر الواحد، حسب المنطقة، كما يقـدّر سعـر زيت الزيتون لمنطقة بني سنون الذي يعرف بجودته، لاسيما وفق ما يطلق عليه بمنتوج “الطبيعي” (بـيـو) ما بين 1000 و1500 دج بمعـصرة “تـاسة” ببني بهدل، وهي واحدة من أقدم المعاصر بالولاية.
للتعريف بالتراث الثقافي والبيئي المرتبط بزراعة الزيتون وإنتاج مشتقاته
تلمسان تحتضن الطبعة الأولى لمهرجان مسلك الزيتون بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي بالجزائر
في إطار تفعـيل برنامج التعاون القائم بين الجزائر والاتحاد الأوروبي جيل سياحة، احتضنت ولاية تلمسان خلال هـذا الشهر الجاري، فـعاليات الطبعة الأولى لمهرجان مسلك الزيتون التي اختير فيها بلدية صـبرة، التي احتضنت هذا المسار من خلال احتفالية دامت 03 أيام تخلّلتها عـدة أنشطة متنوعـة.
حيث أشـرف على افـتـتـاحـهـا السيد “يوسف بشلاوي” والي ولاية تلمسان، رفقة السيد “دييغو ميادو “Diego MELLADO” رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي بالجزائر، بحضور رئيس المجلس الشعبي الولائي، نواب البرلمان بغرفتيه، أعضاء اللجنة الأمنية، المكلفة بالتعاون الدولي، إلى جانب الشركاء الاقتصاديين والاجتماعـيين، أيـن عـرفـت زيارات ميدانية شملت عددا من الفضاءات الثقافية والسياحية الهامة بالولاية، انطلاقا من قصر الثقافة “عـبد الكريم دالي” إمامة بلدية منصورة،والذي استهل الوفـد الرسمي منه نشاطه من خلال زيارة معرض المسالك السياحية، الذي يهدف إلى إبراز ثراء المسارات السياحية بالمنطقة وتعريف الزوار بالتراث الثقافي والبيئي المرتبط بزراعة الزيتون وإنتاج مشتقاته.
وقـد استمـع بالمناسـبة رئيس مفـوضية الاتحاد الأوروبي بالجزائر رفـقـة السيد الوالي، إلى شروحات متعدّدة قـدّمها القائمون على المعرض حول الجهود المبذولةلتطوير السياحة المستدامة، وتعزيز حضور مسلك الزيتون ضمن المقومات السياحية لولاية تلمسان، لتكون بعدها المحطة الثانية التوجه إلى حديقة عـيـن صـبرة أحد المواقع الطبيعية التي تتميز بها تلمسان، أشرف خلالها السيد دييغو ميادو “Diego MELLADO” رفـقة والي الولاية، على غـرس 3 شجيرات زيتون متوسطية داخل الحديقة، في مبادرة رمزية تعكس روح التعاون والشراكة بين الجانبين، وترمز إلى السلام والاستدامة والحفاظ على التراث الطبيعي، كما قام الوفـد بتدشين نافورة عين صبرة بعد تهيئتها وإعادة إحيائها، لتعود فضاء جمالـيا ومنفعة مـهـمّة لزوار الحديقة، والتي اطّلع فيها بالمناسبة الـوفـد على مختلف المنتجات التقليدية والصناعات اليدوية التي تشتهر بها ولاية تلمسان من خلال معرض خاص بالحرفيين والمنتجين المحليين نظّم على هامش هاته الفعالية، حيث تبادل السيد الوالي ورئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي الحديث مع العارضين حول سبل دعم هذه الفئة وتمكينها من ترقـية منتجاتها والانفتاح على أسواق أوسع، خاصة في ظل الديناميكية الجديدة التي يوفرها مسلك الزيتون كمورد سياحي واقتصادي.
مـؤكدا في ذات السياق، على أهمية التعاون الثنائي في المجالات الثقافية والسياحية والاقتصادية، وكـذا الدور الحيوي الذي يلعبه مسلك الزيتون في تعزيز السياحة الإيكولوجية والتنمية المستدامة، إلى جانب دعم البرامج المحلية الهادفة إلى تثمين التراث الطبيعي والثقافي للمنطقة، وتعزيز إدماج المؤسسات المصغرة والناشئة في الدورة الاقـتصادية.
لـتخـتـتـم الـفـعالية بتكريم صاحبة أحسن صورة فوتوغـرافـية، وكـذا جميع المساهمين في نجاح الحدث، حيث قـدّم مدير السياحة والصناعة التقليدية بالمناسبة كلمة خـتامـية عـبّـر فيها عن سعادته بنجاح التظاهرة، مؤكدا على أهمية تنظيم هذا المهرجان كل سنة لتفعيل “مسلك الزيتون”، واستقطاب السياح لتعريفهم بالإرث التاريخي والثقافي للمنطقة والترويج للوجهة السياحية لولاية تلمسان، مع خلق العديد من النشاطات على طول المسار السياحي لتوفير مناصب العمل، كما التزم بمرافـقـة أفكار الشباب المبدعة لتشجيعهم على تجسيد مشاريعهم الصغيرة والمبتكرة ومشاريع المرأة الماكثة في البيت من خلال الاستفادة من الآليات التي توفـرها الدولة، مشيدا في ذات السياق بإسهاماتهم في تنمية القطاع السياحي على المستوى المحلي.
إعداد: ع. أمــيــر



