تشهد الجزائر حاليا مرحلة تحول حاسمة في مشهدها القضائي مع دخولها عصر العدالة الرقمية وقد انعقد مؤخرا في الجزائر ندوة دولية حول موضوع المحامي في مواجهة العدالة الرقمية التحديات والآفاق حضرها عدد كبير من المحامين القضاة والخبراء من داخل وخارج البلاد حيث ناقشوا التحديات التي تفرضها الرقمنة على النظام القضائي وآفاق التطور في هذا المجال.
في كلمته الافتتاحية شدد محمد رجز الأمين العام لوزارة العدل على أهمية الرقمنة في تحسين النظام القضائي في الجزائر وأشار إلى المزايا الكبيرة التي تتيحها التكنولوجيا الحديثة لتحسين كفاءة العمل القضائي وتقليص الأعباء اللوجستية على العاملين في المجال القانوني، كما دعا إلى ضرورة توعية مختلف الفاعلين في القطاع القضائي بما في ذلك المحامون والقضاة والمفوضون القضائيون حول أهمية اعتماد الأدوات الرقمية في الإجراءات القانونية.
تهدف هذه الأدوات إلى تسهيل المهام الروتينية للقضاة والمحامين وتقليل التنقل إلى المحاكم فضلا عن تخفيض التكاليف المرتبطة بالتعامل مع القضايا مما يسهم في تحسين استخدام الموارد المتاحة بشكل أكثر فعالية.
لقد بدأت الجزائر منذ حوالي عام تجربة العدالة الرقمية في القضايا المدنية وتوسعت هذه التجربة تدريجيا لتشمل جميع المحاكم والمجالس القضائية في البلاد، وأصبح استخدام الأدوات الرقمية الآن جزءا لا يتجزأ من جميع مراحل العمل القضائي وأكد رجز في خطابه على ضرورة تسجيل المحامين في المنصة الرقمية الجديدة للمشاركة الفعالة في هذا التحول الرقمي.
من جهته أكد (إبراهيم طايري) رئيس الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين على أن التأقلم مع التطورات الرقمية بات مسؤولية أساسية لكل محام يسعى للحفاظ على موقعه في الساحة القانونية المتغيرة بسرعة واعتبر هذه الندوة فرصة ذهبية لتبادل التجارب بين الدول وعرض النجاحات التي حققتها الجزائر في مجال العدالة الرقمية.
كما تحدث عبد الحفيظ بن فاتح نقيب المحامين في منطقة أم البواقي عن أهمية أن يظل المحامون في الطليعة فيما يتعلق بالتغييرات التكنولوجية المتسارعة ودعا زملاءه المحامين إلى احتضان التغيير بدلا من مقاومته معتبرا أن التكنولوجيا ستفتح آفاقا جديدة لتعزيز فعالية المحامي في خدمة العدالة.
من جهة أخرى شددت جاكلين سكوت رئيسة الاتحاد الدولي للمحامينUIAعلى الدور الحيوي الذي تلعبه التدريبات المستمرة في تحسين كفاءة المحامين في عصر التحول الرقمي وأوضحت أن الاتحاد يقدم فرصا للتدريب على أدوات العدالة الرقمية مما يمكن المحامين من تقديم خدمات قانونية متطورة وفعالة.
من جانبها،أعلنت وفاء سيدهم رئيسة اللجنة الوطنية الجزائرية للاتحاد الدولي للمحامين أن الجزائر ستكون الدولة المستضيفة لأول ندوة علمية تنظمها الاتحاد في هذا العام في خطوة تعكس التزام الجزائر بتعزيز التفاعل بين المحامين المحليين ونظرائهم الدوليين في مجال العدالة الرقمية.
اختتمت الندوة بالتأكيد على أن الجزائر تتخذ خطوات جادة في تعزيز العدالة الرقمية كوسيلة لتحسين النظام القضائي وقد أشار الحضور إلى أن هذا التحول ليس مجرد تحديث تقني بل هو خطوة استراتيجية تهدف إلى تحسين الوصول إلى العدالة وتسريع إجراءات التقاضي وتعزيز الشفافية في النظام القضائي.
بالإضافة إلى مناقشة التحديات التي قد تواجهها الجزائر في رحلتها نحو العدالة الرقمية مثل تحسين البنية التحتية التقنية وضمان أمن البيانات تم التركيز على الفرص الواعدة التي تقدمها الرقمنة فمن خلال تحسين السرعة والفعالية في معالجة القضايا يمكن للعدالة الرقمية أن تكون أداة قوية لتحقيق الأهداف الوطنية للجزائر في بناء نظام قضائي أكثر حداثة وكفاءة.
في ختام الندوة اتفق المشاركون على أن الجزائر تسير في الاتجاه الصحيح نحو عصر العدالة الرقمية مع توفر الإرادة السياسية والاستثمار في البنية التحتية والتدريب يبدو المستقبل مشرقا للتحول الرقمي في النظام القضائي الجزائري.
ومن المؤكد أن هذه الجهود ستسهم في تقليص الفجوة الرقمية بين الجزائر والدول المتقدمة، وتجعل النظام القضائي الجزائري أكثر كفاءة وشفافية في خدمة المواطنين.