تكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي و”الإبداع”

هل يمكن للآلة أن تتفوق على الإنسان؟

 

 لطالما كان “الإبداع” سمة إنسانية بامتياز، فهو القدرة على تخيل أشياء جديدة والتعبير عنها بطرق فريدة. لكن مع تقدم التكنولوجيا، ظهر الذكاء الاصطناعي كعنصر جديد في هذا المجال، حيث أصبح بإمكانه تأليف الموسيقى، كتابة القصائد، رسم اللوحات، وحتى ابتكار تصاميم معقدة. فهل يمكن اعتبار هذه الآلات مبدعة حقًا؟ وهل سيؤثر تطورها على الفنانين والمبدعين في المستقبل؟

الذكاء الاصطناعي و”الإبداع”

تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي الحديثة على تحليل كميات ضخمة من البيانات والتعرف على الأنماط داخلها بهف تمكينه من “الإبداع”.

فعلى سبيل المثال، عندما يُطلب من الذكاء الاصطناعي تأليف قطعة موسيقية، فإنه يستند إلى ملايين المقاطع الموسيقية التي تم تدريبه عليها ليبتكر مقطوعة جديدة تمزج بين الأساليب المختلفة التي تعلمها.

هذه العملية لا تعتمد على المشاعر أو الحدس، بل على الخوارزميات والرياضيات.

في مجال الفن، استخدمت بعض البرامج تقنيات التعلم العميق من أجل “الإبداع” ولإنشاء لوحات فنية مستوحاة من أعمال فنانين عالميين. إحدى هذه اللوحات، التي أُنتجت بواسطة برنامج ذكاء اصطناعي، بيعت في مزاد بأكثر من 400 ألف دولار، مما أثار جدلًا واسعًا حول دور التقنية في الإبداع الفني.

الذكاء الاصطناعي بين التقليد و”الإبداع” الحقيقي

هناك اختلاف جوهري بين الطريقة التي يبدع بها الإنسان والطريقة التي يعمل بها الذكاء الاصطناعي. لأن “الإبداع” البشري ينبع من التجارب الشخصية والمشاعر والرؤى الفريدة،

بينما يعتمد الذكاء الاصطناعي على تقليد الأنماط الموجودة مسبقًا وإنتاج شيء جديد بناءً عليها. وهذا ما يثير التساؤل: هل يمكن اعتبار منتج الذكاء الاصطناعي إبداعًا حقيقيًا، أم مجرد محاكاة ذكية؟

الإنسان بطبعه يمتلك ملكة “الإبداع” فعندما يبدع، فإنه يضع جزءًا من روحه وأفكاره في عمله، وهو ما يجعل كل “إبداع” بشري فريدًا من نوعه. أما الذكاء الاصطناعي، فيعتمد على التجميع وإعادة التركيب، مما يعني أن إبداعه يظل محدودًا بإطار البيانات التي يتدرب عليها.

التأثير المحتمل على “الإبداع” في الفنون والمهن

مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الإبداعية، يخشى البعض أن يحل محل الفنانين والكتاب والموسيقيين في مسألة “الإبداع”. فقد بدأت بعض الشركات في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لإنتاج نصوص إعلانية،

أو لتصميم شعارات ومنشورات تسويقية، وهو ما قد يقلل من الطلب على المصممين والكتّاب المستقلين.

لكن في المقابل، يرى آخرون أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مساعدة لـ”الإبداع” وللمبدعين بدلًا من أن يكون بديلًا لهم. على سبيل المثال، يمكن استخدامه لتوفير أفكار أولية للفنانين أو لمساعدتهم في تنفيذ مشاريعهم بسرعة أكبر،

مما يفتح المجال للإبداع البشري بدلًا من أن يحد منه.

لا شك أن الذكاء الاصطناعي أحدث تحولًا كبيرًا في مجال “الإبداع”، لكنه لا يزال يفتقر إلى العنصر الأهم في “الإبداع” الحقيقي: المشاعر والتجارب الإنسانية.

وبينما يمكن أن يصبح أداة قوية تساعد الفنانين على تطوير أعمالهم، فإنه لا يمكن أن يحل محل الإنسان بالكامل.

السؤال الأهم الذي يبقى مطروحًا هو: كيف يمكننا الاستفادة من هذه التكنولوجيا دون أن تفقد الفنون هويتها البشرية الفريدة؟

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى