تكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي في السينما.. جاكرتا تطلق ثورة سينمائية بالذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي في السينما.. تشهد صناعة السينما في إندونيسيا تحولا تاريخيامع اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في إنتاج الأفلام، حيث تمكنت استوديوهات محلية من إنتاج أعمال سينمائية بمواصفات عالمية بتكاليف إنتاج منخفضة بشكل ملحوظ. جاء هذا التحول الجذري بعد التطورات التقنية الكبيرة في أنظمة توليد المحتوى المرئي، والتي أصبحت قادرة على إنتاج مقاطع فيديو عالية الجودة مع محاكاة واقعية للحركة والصوت. ويشير خبراء الصناعة إلى أن هذه النقلة التقنية تضع إندونيسيا في موقع متقدم ضمن سباق التحول الرقمي في مجال صناعة الأفلام بمنطقة جنوب شرق آسيا.

 

ويؤكد أكاديمي متخصص في مجال الإعلام من جامعة محلية، أن بلاده تقف على أعتاب تحول جذري في صناعة المحتوى المرئي، مشيرا إلى أن التقنيات الجديدة تمنح المبدعين حرية استثنائية في تجربة أفكارهم دون القيود التقليدية للميزانيات الضخمة. ويأتي هذا التوجه في وقت يشهد فيه العالم جدلاً واسعاً حول تأثير الذكاء الاصطناعي على العملية الإبداعية، حيث يرى مؤيدو هذه التقنيات أنها تفتح آفاقاً جديدة للإبداع بينما يبدي آخرون مخاوف جدية من تأثيرها على الهوية الفنية للأعمال السينمائية.

وتعكس الأرقام الإحصائية حجم النمو الكبير الذي تشهده صناعة السينما الإندونيسية، حيث تجاوزت إيرادات التذاكر المحلية 400 مليون دولار خلال العام الماضي، لتصبح الأسرع نموا في محيطها الإقليمي. وقد ساهمت منصات البث العالمية في دعم هذا النمو من خلال ضخ استثمارات كبيرة في إنتاج محتوى محلي، بينما يعمل آلاف المختصين في مجال الإنتاج السينمائي على دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في مختلف مراحل العمل بدء من كتابة السيناريو ومروراً بالتصميم ووصولا إلى مرحلة المونتاج النهائي.

 

الذكاء الاصطناعي في السينما .. ثورة تقنية تهدد الوظائف التقليدية

يواجه العاملون في مجالات الرسوم المتحركة وكتابة السيناريو والمؤثرات البصرية تحديات وجودية مع التوسع في استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، حيث بدأت بعض الوظائف التقليدية في الاختفاء لصالح الخوارزميات الذكية. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من مئتي ألف وظيفة في مجال الصناعات الترفيهية، قد تتأثر بهذه التحولات التقنية خلال العامين المقبلين، وفقاً لتقارير صادرة عن جمعيات فنية متخصصة، ويبرز هذا الواقع إشكالية التوازن بين التقدم التقني والحفاظ على فرص العمل البشرية.

ويستخدم صناع الأفلام في إندونيسيا مجموعة متنوعة من الأدوات التقنية لتحسين جودة الإنتاج وتخفيض التكاليف، حيث يعتمد بعضهم على أنظمة الكتابة الآلية في صياغة الحوارات، بينما يستخدم آخرون منصات توليد الفيديو لإنتاج لقطات تجريبية أو مشاهد أولية. وقد ساعدت تقنيات الأتمتة المدعومة بالذكاء الاصطناعي فرق المؤثرات البصرية على توفير ما يصل إلى 70 بالمئة من وقت العمل المعتاد، مما يعني إنجاز المشاريع في فترات قياسية وبجودة عالية.

ويظهر الفارق الكبير في التكاليف والإمكانيات عند مقارنة طرق الإنتاج التقليدية مع التقنيات الجديدة، حيث احتاج إنتاج فيلم رسوم متحركة شهير إلى مئتي مليون دولار و4 سنوات من العمل، بينما تم إنتاج فيلم مشابه باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بتكلفة لا تتجاوز 30 مليون دولار وفترة إنتاج لم تتجاوز 9 أشهر.وتعكس هذه المقارنة حجم التحول الذي تشهده الصناعة والوفورات الهائلة التي تتيحها التقنيات الحديثة.

 

مستقبل الإبداع بين الآلة والإنسان

يشهد المشهد السينمائي في إندونيسيا إقبالا متزايدا على الأفلام المنتجة بالكامل باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث حصل فيلم وثائقي محلي على جائزة أفضل فيلم في مهرجان أوروبي متخصص. كما استضافت جزيرة بالي مؤخراً أول مهرجان دولي للأفلام المنتجة باستخدام الذكاء الاصطناعي، بمشاركة العشرات من الأعمال السينمائية من مختلف أنحاء العالم. وتمثل هذه التطورات اعترافاً متزايداً بأهمية هذه التقنيات ودورها في تشكيل مستقبل الصناعة.

ويحذر بعض المختصين في المجال السينمائي من أن أفلام الذكاء الاصطناعي تفتقر إلى الروح الإنسانية والمشاعر العميقة التي تميز الأعمال الفنية التقليدية، حيث يشير كاتب سيناريو بارز إلى أن المثالية المفرطة في الأعمال المنتجة بالذكاء الاصطناعي تفقدها الحس الإنساني الطبيعي. ورغم هذه التحفظات، فإن الواقع العملي يفرض استخدام هذه التقنيات بسبب كفاءتها العالية وتوفيرها الكبير للوقت والتكاليف، مما يضع صناع الأفلام أمام خيارات صعبة بين الاعتبارات الفنية والاعتبارات الاقتصادية.

 ياقوت زهرة القدس بن عبد الله 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى