تكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي في التوظيف: جدل متصاعد حول تقنية التعرف على الوجوه

الذكاء الاصطناعي في التوظيف .. تشير دراسة صادرة عن جامعة بنسلفانيا إلى إمكانية توظيف الذكاء الاصطناعي في تحليل ملامح الوجه من أجل التعرف على السمات الشخصية للمتقدمين للوظائف، حيث اعتمد الباحثون في عملهم على صور 96 ألف خريج من برامج ماجستير إدارة الأعمال وجُمعت هذه الصور من حسابات منصة مهنية معروفة، واستعان الفريق بخوارزمية خاصة لاستخراج ما أطلقوا عليه “الخمسة الكبار عبر الصور”، وهي صيغة بصرية لخمسة أبعاد شخصية تشمل القبول والضمير الحي والانبساط والعصابية والانفتاح، وقد أظهرت النتائج علاقة واضحة بين بعض السمات وتطور المسار المهني، فمثلاً تبين أن الأشخاص الأكثر انبساطًا اجتماعيًا يحصلون عادة على تعويضات مالية أعلى، بينما يميل أصحاب الانفتاح الكبير إلى الحصول على أجور أقل، ومع أن الخوارزمية لم توضح كيفية استنتاج تلك السمات، فإن الباحثين رأوا أن نتائجها ذات دلالة إحصائية معتبرة.


 

الذكاء الاصطناعي في التوظيف .. نتائج واعدة ولكنها محفوفة بالعقبات

يرى فريق البحث أن هذه التقنية يمكن أن تكون أداة إضافية في تقييم المتقدمين للوظائف، إلا أن قدرتها التنبؤية ما زالت محدودة، كما أن مجال تحليل ملامح الوجه باستخدام الذكاء الاصطناعي لا يزال في بداياته، إذ تعترضه إشكالات منهجية وقانونية معقدة، وقد أشار عدد من الأكاديميين إلى أن استخدام هذه التقنية في قرارات التوظيف يواجه بطئًا واضحًا بسبب المخاطر القانونية المتعلقة بمبادئ المساواة ومكافحة التمييز، كما أبدى بعض المتخصصين في الإدارة تخوفهم من أن الاعتماد على تحليل الوجوه قد يفتح بابًا واسعًا للتأويلات الخاطئة ويزيد من احتمالات التمييز غير المقصود، وأوضح أحد الباحثين أن الشركات لا تزال مترددة في إدماج هذا النوع من التقنيات في تقييماتها، لأنها تخشى من الانعكاسات الأخلاقية والاجتماعية ومن ردود فعل المرشحين الذين قد يشعرون بأنهم يُحكم عليهم بناءً على ملامح لا يملكون التحكم فيها، ولهذا اعتبر الخبراء أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مكملًا للأدوات التقليدية وليس بديلًا عنها في عملية التوظيف.

 

تحديات أخلاقية وفلسفية حول الهوية والعدالة

أشارت الدراسة إلى أن تحليل الوجوه يثير تساؤلات عميقة تتعلق بالهوية الفردية وبفكرة العدالة في الفرص المهنية، إذ يُخشى أن يتحول الوجه إلى معيار للحكم على الكفاءة والسلوك، وهو ما قد يُقيد حرية الأفراد في تطوير أنفسهم أو تحسين صورتهم، كما حذرت من أن الاعتماد الواسع على هذه التقنية قد يدفع بعض الأشخاص إلى تعديل صورهم رقميًا أو حتى اللجوء إلى عمليات تجميلية لتغيير الملامح التي قد تفسر على نحو سلبي، وأكد الباحثون أن التفاعل الإنساني في المقابلات الوظيفية يظل عنصرًا لا يمكن الاستغناء عنه، لأنه يمنح المتقدم فرصة لعرض شخصيته وإقناع المقابل بعيدًا عن أحكام الخوارزميات، كما بيّنوا أن قبول الناس للقرارات المستندة إلى خصائص ثابتة مثل العمر أو الحالة الصحية يرتبط عادة بوجود منطق مسبب واضح، أما حين يصبح الوجه معيارًا للحكم فإن المسألة تظل موضع جدل واسع، وفي ختام الدراسة شدد الخبراء على أن الحفاظ على البعد الإنساني في عملية التوظيف هو الضامن الوحيد للعدالة والإنصاف في عالم يتجه بخطى متسارعة نحو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى