
لم يترك الذكاء الإصطناعي مجالا إلا ودخله بقوة ولم يكن قطاع الفلاحة إستثناء بل دخل إلى عالم المَزارع والحقول من اجل تحليل صور الأعشاب والنباتات الضارة والأشجار بل وحتى سلوك الحيوانات في الحظيرة، لكنّ الجديد في المجال الزراعي هو بروز أشكال “توليدية” من هذا الذكاء تتيح المعالجة السريعة لبعض المشاكل.
لكن الكثير من المزارعين في ظل التحولات التكنولوجية الحديثة والمتسارعة يتساءلون على سبيل المثال، هل بإمكان للذكاء الاصطناعي إخبارهم متى يجب نشر السماد في حقولهم مع مراعاة القواعد المتعلقة بالمناطق المعرضة للخطر. وهل بوسعه يمكن تحديد بصورة كمية حجم غزو القراد على بعض الحيوانات، وإذا كان باستطاعته أيضا أن يبلغهم بنوع المساعدة التي يمكنهم المطالبة بها بالنظر إلى إنتاجهم ووضعهم الاقتصادي. هذه فقط عينة من الأسئلة التي يطرحها المزارعون على فرق التطوير، في الموقع وعن بُعد. وعليه فإنّ مهمة تقديم الإجابات باستخدام قواعد البيانات من شأنها تحقيق مكانة لها في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو ما تأخر بفعل ظهور (تشات جي بي تي) في نهاية عام 2022، مع ما تملك هذه البرمجية من قدرة على تقديم إجابات مفصلة في بضع ثوانٍ. يقول دافيد جولان، القائم على العملية.
برمجيات وتقنيات
وكما يبدو واضحا هناك فرقاً مختصة تقترح عدة إجابات وحلول لتلك التساؤلات الكثيرة وغالبا لا تكاد تحصى من أجل تحسين دوران المحاصيل أو أتمتة المهام التنظيمية. كما أنّ هناك برمجيات أخرى موجودة بالفعل في هذه المجالات، يستخدم الكثير منها الذكاء الاصطناعي، ولكن تطويرها أستغرق عدة سنوات. أما مع الذكاء الاصطناعي التوليدي، فقد أصبح الأمر يحصل بصورة مباشرة اليوم. وعليه تُعتبر هذه التكنولوجيا الجديدة (الذكاء الإصطناعي) واعدة في كل ما يتعلق بالجزء التنظيمي أو في تقديم المشورة للمزارعين. ويؤكد أن الأمر لا يتعلق باتخاذ القرارات بالنيابة عنهم، بل “بتخفيف العبء الإداري والذهني على المزارعين وفي الوقت نفسه، تعمل طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على تسريع التقدم التقني في قوة بطاقات الرسومات، ما يفيد جميع الحلول الرقمية، خاصة وان قطاع الفلاحة كان دائماً مصدراً وفيراً للبيانات (اليد العاملةفي الزراعة، المتخيرات المناخية خاصة أحوال الطقس، صور النباتات والأعشاب والأشجار، المعلومات عن التربة بكل أنواعها وخصائصها، علم الوراثة، ومراقبة الأمراض التي تصيب الحيوانات) هذه البيانات ليست دائما ثابتة بل تكون، وغالباً ما تكون متقلبة. ناهيك عن توفر وتكاثر أجهزة الاستشعار أو المجسات أو المسيّرات أو صور الأقمار الاصطناعية أو الكاميرات في المزارع. وعليه كل كل هذه البيانات تحتاج إلى معالجة، لأن الزراعة كانت ولا زالت وستظل القوة الدافعة للذكاء الاصطناعي في هذا الصدد، وتمكنت من تطوير الكثير من أدوات المساعدة في صنع القرارات.
تنبؤات وخيارات
ومن هنا، اقترح بعض علماء الباتات والتربة والمختصين في الفلاحة، مسألة التنبؤ بالمياه المتوفرة في الأرض خلال الأيام السبعة المقبلة من خلال الجمع بين المعلومات التاريخية والفورية الخاصة بأجهزتها مع توقعات الطقس المحلية.، بحيث لم يعد هذا مستحيلا أو سحريا أو ضربا من ضروب الخيال ولكنه يجلب الكثير من الراحة بمجرد النظر إلى الهاتف الذكي، فعلى سبيل المثال، إذا كان من المتوقع هطول أمطار بمعدل 40 ميليمتراً خلال يومين، فلن تكون هناك حاجة للري، بحيث يتم توفير الماء والطاقة اللازمة لتشغيل المضخات، وإذا كانت قطعة الأرض تبعد 10 كيلومترات، يمكن للمزارعين توفير الوقت أيضاً. كما يؤكد الخبراء والمختصون بأن هناك أيضا توجد حلولا ناجعة في مجال تربية المواشي مثل برنامج “إيه آي هيرد” AI Herd الذي، من خلال كاميرات مثبتة في السقف، يحلل سلوك الأبقار ويمكنه اكتشاف أي مشكلات. وفي الحقول، يمكن لمجرفة “ستاوت” Stout الذكية أن تميز نبات الخس عن الأعشاب الضارة وتستهدف الأخيرة فقط، كما يقول تييري لو بريكييه، المسؤول عن قسم زراعة الفاكهة والخضروات في شركة تصنيع الآلات الزراعية “سي ان اتش انداستريال” CNH Industrial، وهي من المساهمين في “ستاوت”. وليس أخيرا، فإن الخبراء يؤكدون على شيء مهم قبل الذكاء الإصطناعي وه ضرورة تغيير المزارعين والفلاحين من ممارساتنم الزراعية، من حيث استخدام المياه والمدخلات وإمكانية التتبع التي يطلبها الزبائن، وهو ما يسهّله هذا النوع من الأدوات الموجهة بالذكاء الاصطناعي. وهناك ميزة أخرى، بحسب قوله، لهذه الآلات التي تقوم تلقائياً بمهام صعبة، إذ “يمكننا أيضاً الاستجابة لصعوبات التوظيف. العملية قد تستغرق وقتا أكثر وبذل جهد أيضا لكنها ليست بالمستحيل.
بقلم: أحــمــد الــشــامــي