
جرت اليوم الأربعاء بالقاهرة، أشغال الدورة التاسعة للجنة المشتركة العليا الجزائرية – المصرية للتعاون، والتي ترأسها مناصفة الوزير الأول، السيد “سيفي غريب”، ورئيس مجلس الوزراء لجمهورية مصر العربية، السيد “مصطفى مدبولي”، وذلك تنفيذا للتوجيهات السامية لرئيس الجمهورية، السيد “عبد المجيد تبون” والرئيس “عبد الفتاح السيسي”، المسداة خلال الزيارة إلى مصر في أكتوبر من السنة الماضية، وتجاوبا مع حرصهما الأكيد على ترقية أواصر الأخوة والتضامن التاريخية التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين وتعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، خاصة ما تعلق منها بالمبادلات التجارية والاستثمارية بين البلدين.
حيث أبرز السيد “سيفي غريب”، بالقاهرة، أن الجزائر ومصر يجمعهما سجل اقتصادي حافل من التعاون النموذجي والشراكات الناجحة في عدة مجالات شتى كالطاقة والتجارة والاستثمار، مؤكدا في ذات الصدد على حرص رئيسي البلدين “عبد المجيد تبون” و”عبد الفتاح السيسي”، للمضي قدما في تعزيز علاقات التعاون والشراكة ومن وضع أسس إضفاء الطابع الاستراتيجي المستدام عليها في سبيل الارتقاء بها إلى أعلى مستويات التكامل والاندماج، خدمة لمصالح للبلدين وتطلعات الشعبين، لمزيد من التعاون والتقارب وتشابك المصالح والمنافع”.
معربا بوجه خاص عن ثقته في أن البلدين سيرتقيان بالتعاون والشراكة بينهما ليصلا به إلى “مرتبة تليق بالتاريخ النضالي المشترك لشعبينا الشقيقين وتسمح بتجسيد الإرادة القوية لتعزيزها، والتي عبر عنها قائدا البلدين خلال القمة التي جمعتهما بالقاهرة يومي 25 و26 أكتوبر من السنة الماضية واتصالاتهما المستمرة التي كان آخرها في 8 أكتوبر الفارط”.
واستعرض السيد “سيفي غريب”، ما حققه البلدان خلال السنوات القليلة الماضية، من “المنجزات في المجالات الاقتصادية والتجارية والمشاريع الاستثمارية المشتركة القوية والناجحة في قطاعات الطاقة والبتروكيميائيات وخاصة الأسمدة الآزوتية بوهران، والكابلات الكهربائية بعين الدفلى والصناعة الصيدلانية بالجزائر العاصمة، وغيرها من المشاريع الناجحة والواعدة في ميادين أخرى، على غرار الإنشاءات والأشغال العمومية والخدمات والزراعة”.
مبرزا في ذات الصدد، أنّ “بعض هذه الشركات باشرت تصدير منتجاتها للخارج انطلاقا من الجزائر، وبهذا العنوان، أضحت مصر من أكبر شركاء الجزائر الاقتصاديين في التجارة والشراكة الاستثمارية”، ومعتبرا بالمناسبة، أنّ “قطاع الطاقة، بجميع فروعه، يشكل محورا أساسيا في تعاوننا”، مضيفا أنه “قبل أسابيع، وقع مجمع “سوناطراك” بالجزائر وشركة “بتروجيت” بمصر على بروتوكول لإنشاء شركة مختلطة لصناعة التجهيزات في ميدان الغاز والبترول وتطوير حقل حاسي بير ركايز بالجزائر”.
حيث استطرد السيد “سيفي غريب”، أن البلدين يعتبران من الدول المنتجة للغاز، ولهما قدرات معتبرة في تمييع وتصدير الغاز المسال، فالأحرى أن يعملا على تعزيز التشاور والتنسيق بما يضمن تعظيم استغلالهما لهذه المادة الحيوية، والدفاع عن مصالحهما في ضوء التطورات العالمية التي جعلت من الطاقة أحد الرهانات الأساسية في العلاقات بين الدول، مشددا في آن واحد إلى أن “النتائج الإيجابية التي تعرفها الشراكة بين البلدين تتطلب منا العمل على مضاعفتها وخاصة في ظل ما جاء به قانون الاستثمار الجديد في الجزائر، الذي يقدم التسهيلات الضرورية والتحفيزات اللازمة لتوفير بيئة مواتية لجلب واستقطاب الاستثمارات المباشرة وزيادة حجم تدفقاتها”، ومؤكدا مرة أخرى إلى أن “الجزائر ومصر خطتا خطوات كبيرة على درب بناء علاقات نموذجية قوية تشكل مصدر اعتزاز وفخر لنا وتدفع نحو رفع سقف طموحاتنا نحو المزيد من التعاون والشراكة”.
وفي إطار بانعقاد الدورة الثانية لمجلس رجال الأعمال الجزائري – المصري بالقاهرة، على هامش أشغال الدورة التاسعة، أشاد السيد “سيفي غريب”، بهذه الحركية والديناميكية الإيجابية، واغتنم المناسبة كي يدعو إلى “تعميق التعاون بين هيئتي الاستثمار وغرف التجارة والصناعة في البلدين، لما لهذه الآليات من أدوار مؤثرة وهيكلية في تشجيع حركة الاستثمارات البينية والاستفادة من الفرص التجارية والاقتصادية المتاحة في البلدين، وكذلك في كل القطاعات والشركاء والفاعلين الاقتصاديين في البلدين إلى الانخراط في هذا المسعى واستكشاف الفرص التي يزخر بها البلدان”.
مُنوها بالإطار القانوني الثري الناظم للعلاقات الثنائية، الذي يضم ما يقارب سبعين نصا قانونيا يشمل اتفاقات ومذكرات تفاهم وبروتوكولات تعاون وبرامج تنفيذية”، والذي قال بشأنه “سيتعزز بالعديد من النصوص الجديدة التي ستوقع خلال هذه الدورة”، حيث اعتبر بأن مسيرة التعاون والتكامل بين البلدين لن تكتمل دون إيلاء الموارد البشرية المكانة التي تستحقها، وأن “هذا لن يتأتى إلا عبر تكثيف تبادل الخبرات والبرامج والدورات التدريبية والتعليمية”.
تعزيز التنسيق والتشاور بين البلدين لمجابهة مختلف التحديات الإقليمية
واستطرد السيد “غريب سيفي” قائلا، بأن هذه الدورة تنعقد في سياق بالغ الحساسية والدقة تمر به منطقتنا العربية بعد حرب الإبادة والتجويع والتهجير القسري، وكل ما لحق بقطاع غزة من مآسي وآلام بفعل عدوان الاحتلال الصهيوني البشع، مشيرا في ذات الصدد، أن “العديد من الأزمات في الوطن العربي لا تزال تعصف باستقرار وأمن ومقدرات العديد من الدول الشقيقة”، خاصا بالذكر “ليبيا والسودان واليمن ولبنان، ناهيك عن تداعيات الصراعات في العالم على الاستقرار والأمن”.
مذكرا بهذا الوضع الدقيق الذي يفرض على البلدين، أكثر من أي وقت مضى، على ضرورة تعزيز التنسيق والتشاور بين بلدينا من أجل مجابهة هذه التحديات، وخاصة في ظل التوافق بين بلدينا حول العديد من القيم والمبادئ المشتركة، ورفضهما للتدخل في الشؤون الداخلية للدول وحرصهما على ترقية الحلول السياسية واحترام قواعد القانون الدولي”.
وفي ختام كلمته، وبشأن الدورة التاسعة للجنة المشتركة العليا الجزائرية ـ المصرية، أكد السيد “غريب سيفي” مجددا، على أنها ستشكل “محطة إضافية على درب بناء شراكة مثمرة ومتنوعة”، مؤكدا على أهمية وضع خارطة طريق بجدول زمني محدد لتجسيد مخرجات هذه اللجنة ومتابعة تنفيذها في كل المحاور، تحقيقا لتطلعات الشعبين الشقيقين في مزيد من التكامل والنمو والشراكة”.
وفي ذات السياق، تم الاتفاق خلال الاجتماعات الأولية على مشاريع اتفاقيات تشمل قطاعات الفلاحة، السكن، الطاقة، الحوار المالي، التنمية المحلية، المعارض، حماية المستهلك، الثقافة، دار والأوبرا، جامعة الأزهر الشريف، العمل، التضامن الاجتماعي، الرياضة والشباب. كما تم الاتفاق أيضا على تطوير العلاقات في مجالات الصحة والدواء والاتصالات والتعليم والسياحة وغيرها من المجالات.
وعليه، رافق الوزير الأول في هذه الزيارة وفد وزاري رفيع المستوى يضم وزير الداخلية والجماعات المحلية والنقل، السيد “سعيد سعيود”، وزير المالية، السيد “عبد الكريم بوالزرد”، وزير الصناعة، السيد “يحيى بشير”، وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، السيد “ياسين وليد”، وزير الطاقة والطاقات المتجددة، السيد “مراد عجال”، وزير السكن والعمران والمدينة والتهيئة العمرانية، السيد “محمد طارق بلعريبي”، ووزيرة التكوين والتعليم المهنيين، السيدة “أرحاب نسيمة”.
هشام رمزي



