الحدث

التحدي والند للند

بين السبع الكبار و البريكس

إن الحديث عن مجموعة السبع الكبار G7 بقودنا حتما للحديث عن واقعها الحالي بعد ظهور مجموعة بريكس BRICS، وكثيرة هي الأسئلة التي يطرحها المختصون في كافة القطاعات، ولعل أهمها السياسة والإقتصادية.

هناك من يؤكد بأنّ مجموعة السبع الكبار لم يزعجها يوما أحد، تعيش اليوم أكبر حالة قلق، فمجموعة (بريكس) الصاعد بسرعة البرق بات خطرا عليها، وروسيا تجمع حولها الحلفاء الكبار الجدد، الدولار قد يفقد قيمته، تحذيرا قد سمع كثيرا في الأون الأخيرة وقد يتحول سريعا إلى حقيقة تواجهها واشنطن، إذا ما قررت (بريكس) الصاعدة الإستغناء عن الدولار، وهنا نتحدث هن ألاف المليارات سنويا عن دول تظم أقتصادات عملاقة مثل روسيا والصين والهند وغيرها، وقد تلحق بها دول جديدة مثل الجزائر والسعودية، في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالحروب، هناك حرب إقتصادية طاحنة تدور في  أروقة السياسة عنوانها: مجموعة البريكس من جهة، ومجموعة السبع الكبار من جهة أخرى، فلمن ستكون الغلبة بالأرقام؟.

النظام الاقتصادي العالمي

منذ تسعينيات القرن الماضي، سيطرت الولايات المتحدة الأمريكية على النظام الاقتصادي العالمي من خلال تعميم النظام الرأسمالي، وفي ذات الوقت وسعت من قوة الدولار الأمريكي، لكن مع مرور السنوات بدأت العديد من الدول تبدي إنزعاجها من تلك السيطرة والقوة، وفي ذات الوقت تطمح بالتوسع وإزاحة سيطرة الولايات المتحدة على رأسهم روسيا والصين الذين بدورهم إستخدموا صناديقهم السيادية لتوسيع نفوذهم. جاءت بعد ذلك الأزمة المالية العالمية عام 2008، لتدفع تلك الدول للعمل أكثر على تغيير النظام الاقتصادي العالمي، فكانت مجموعة (بريكس)، فما هي هذه المجموعة. ؟

مجموعة (بريكس) هي تكتل يضم روسيا، الصين، البرازيل والهند، تأسست سنة 2006، إستصافتها مدينة (ياكاترين بورغ) وتحول إسمها إلى (بريكس) عام 2011 بعد إنظمام جنوب إفريقيا، إليها. وتهدف هذه المجموعة الدولية إلى زيادة العلاقات الاقتصادية فيما بينها بالعملات المحلية ما يقلل افعتماد على الدولار. وتلك الدول تعتبر أسرع نمو إقتصادي في العالم، وهي دول في مرحلة مماثلة من التنمبة الإقتصادبة المتقدمة حديثا وفي طريقها لأن تصبح دولا متقدمة. كما أطلقت مجموعة البنك الأسيوي، للبنية الأساسية والتي يعتبر بديلا عن البنك الدولي.

على الجانب الأخر توجد مجموعة السبع الكبار، وهي عبارة عن ملتقى سياسي حكومي جولي يضم (كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة والولايات المتحدة). ويعتبر أعضاء المجموعة أكبر إلإقتصادات المتقدمة في العالم وفقا لصندوق النقد الدولي وأكثر الأنظمة الديمقراطية ليبيرالية.

الصراع على الريادة

لكن الصراع بين الطرفين تغبر في السنوات الأخيرة، فبعد إندلاع الحرب الروسية الأوكرانبة، وقيام الغرب بفضل العشرات من العقوبات على روسيا، خاضت روسيا حريا لكسر هيمنة الدولار على المعاملات المالية، لذلك بدأت بريكس تجذب المثير من الدول، منها الجزائر ومصر والسعودية وغيرها. مع ذلك تبقى مجموعة السبع الكبار، تؤكد بأنها لا تزال في القمة ولا يمكن الإقتراب منها، فمن حيث الأرقام في عام 2021 بلغ الناتج المحلي للدول ومجموعة السبع الكبار 42،3 تريليون دولار، وهو ما يعادل 44 بالمائة من الناتج المحلي العالمي، حيث بلغت مساهمة دول بريكس 24،2 تريليون دولار، ما يمثل 25 بالمائة من الناتج المحلي العالمي. أما من الناحية التجارة الخارجية تظهر أرقام بيانات البنك الدولي، أن الصادرات السلعية على مستوى العالم بلغت في نهاية 2021، ما قيمته 22،4 تريليون دولار، كما بلغت الواردات السلعية على مستوى العالم بلغت في نهاية 2021، ما قيمته 22،6 تريليون دولار،

– مجموعة السبع: الصادرات السلعية على مستوى العالم بلغت في نهاية 2021، ما قيمته 6،3 تريليون دولار، ما يمثل28،1 بالمائة من إجمالي الصادرات في العالم. كما بلغت الواردات السلعية على مستوى العالم في نهاية 2021، ما قيمته 7،6 تريليون دولار، ما يمثل 33،5 بالمائة من إجمالي الواردات في العالم

– البريكس: الصادرات السلعية على مستوى العالم بلغت في نهاية 2021، ما قيمته 4،6 تريليون دولار، ما يمثل220،7 بالمائة من إجمالي الصادرات في العالم. كما بلغت الواردات السلعية على مستوى العالم في نهاية 2021، ما قيمته 3،9 تريليون دولار. ما يمثل 17 بالمائة من إجمالي الواردات في العالم.

التفوقبين المد والجزر

هذه الأرقام تعود لسنة 2021، يظهر تغير كبير حاليا منذ أن أعلنت العديد من الدول رغبتها في الإنضمام إلى مجموعة البريكس، حيث كشفت الأرقام الأخيرة عن تفوق مجموعة البريكس لأول مرة على مجموعة دول السبع وذلك بعد أن وصلت مساهمة البريكس إلى 32،5 بالمائة في الاقتصاد العالمي مقابل 30،7 لمجموعة دول السبع ما يظهر تقدم البريكس في خلال عامين فقط. وقد ذكرت الصحيفة الفرنسية (لوجورنال دو ديمانش – LE JOURNAL DE DIMACHE) أن الإتجاه التصاعدي الذي حققته مجموعة بريكس يبتواصل في السنوات القادمة خصوصا في الأسواق الصينية والهندية. وحسب شركة الإستشارات البريطانية (أكورن ماكرو كونسالتينغ –CONSULYING  ACORN MACRO) فإن مجموعة البريكس تعد أكثر تطورا صناعيا من مجموعة السبع الكبار وهو ما يؤكد على أن قوة أخرى  غير الولايات المتحدة الأمريكية، تسيطر على كتلة إقتصادية عالمية مهمة. وبالتالي نفوذ عامي جديد. في الوقت الحالي تقدمت كل من السعودية وإيران بطلب رسمي للإنضمام إلى البريكس، وفي حال انضمامهما فإن الكتلة العالمية في الاقتصاد وشتى المجالات ستكون أكبر.

على الجانب الأخر تعاني مجموعة السبع الكبار في ظل الحرب الروسية – الأوكرانية، والأزمات الاقتصادية العالمية التي تتأثر بها تلك الدول بشكل رئيسي كونها تحرك الاقتصاد العالمي، لكن المهم للغاية هو الهدف الرئيسي لمجموعة البريكس، وهو التخلي عن الدولار والذي إذا ما حدث فذلك سيكون الضربة القاسمة لمجموعة السبع بالكامل، حيث سيظهر بشكل رسمي نظام مالي واقتصادي عالمي جديد منافس للنظام الرأسمالي. إلا أن اقتصاديات مجموعة بريكس التي يصفها الغربيون بالهشة، قد تكون سببا في تأخر المجموعة وتراجعها عن إتخاذ قرار التخلي عن الدولار.

محمد الأمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى