
بعد كارثة سقوط العمارة بكامل طوابقها بولاية بشار مؤخرا بسبب ظاهرة البناء الفضوي، وخوفا من تكرار نفس السيناريو، طالب سكان المجمعات السكانية بأحياء مدينة المشرية من المصالح المختصة بتأدية دورها اتجاه التحيينات التي يقوم بها سكان العمارات، من إضافة شرفات وفتح النوافذ وغيرها. ظاهرة البناء الفوضوي التي أخذت بعدا غير مسبوق في أغلب بلديات ولاية النعامة، بعد أن أصبح هذا النوع من التشييد، يشوه عمران الأحياء السكنية ويضع الجهات المكلفة بالتعمير أمام صعوبات كبيرة في إيجاد حلا للنمو غير المنسجم مع المعايير التي تنظم تسيير المدن وتنظيمها، سيما مخططات شغل الأراضي.
هذه الأخطاء صعبت في تجسيد المشاريع الخاصة بالتهيئة داخل الكثير من الأحياء ببلديات ولاية النعامة بسبب هذه الظاهرة، ويرجع الكثير من السكان الغيورين على جمال أحيائهم بسبب هذه الفوضى إلى تنصل مصالح الرقابة بالبلديات ومفتشية التهيئة والتعمير من مسؤولياتهم في مواجهة هذه الظاهرة وسكوتهم على التجاوزات الخطيرة الحاصلة، رغم أن القانون صريحا في طريقة التعامل مع هذه الحالات المماثلة في إنجاز السكنات وتوسيعها، لكن يبدو أن الصمت المطبق على المعضلة مرده مخاوف البعض من المسؤولين في مواجهة الظاهرة التي قد تؤثر على وعائهم الانتخابي وشعبيتهم خلال الانتخابات القادمة.
والغريب في الأمر، أن يصبح الكثير من المواطنين أكثر غيرة واهتماما من بعض المسؤولين المعنيين بمحاربة الظاهرة، جراء ما سببته لهم من معاناة في تعفن الوضع في بعض الأحيان بتلك المدن بسبب التعدي على الحق العام من خلال غلق الشوارع أو تضييقها ووصل الأمر إلى الاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضي بغير وجه حق، والتي تعتبر في نظر الكثيرين ملكية مشتركة يفرض أن يتم حمايتها من طرف المسؤولين بموجب ما ينص عليه القانون، وتتجلى اللامبالاة في مدن ولاية النعامة في الانتشار غير المسبوق للأكواخ وتربية المواشي بمحاذاة الأحياء السكنية.
زيادة على ذلك، مشكل الرمي العشوائي للنفايات على قارعة الطريق واستغلال الظلام لرمي الأوساخ، أما المشكل الذي لم يتداركه جميع الأميار الذين مروا على بلدية المشرية، هو غياب مدخل رئيسي يدل على أن الزائر في بلدية المشرية. وقد أخذت مظاهر الفوضى منحى غريبا إلى درجة أن أعمدة الكهرباء أصبحت داخل بعض السكنات والتوسعات المخالفة للقانون، وهو ما يعرض ساكنيها إلى مخاطر ما يقومون به قبل أن تطالهم النصوص القانونية، رغم ما تم تحريره من محاضر حول مثل هذه المخالفات في بعض المناطق من بلديات الولاية، خصوصا الأحياء التي تضم السكنات الاجتماعية التابعة لديوان الترقية والتسيير العقاري، حيث تم فتح أبواب وإضافة تعديلات، إلا أن ما يحدث في الواقع لا يبدو أنه سيتوقف على المدى المنظور القريب على الأقل مع بقاء الإصرار على تجاهل المشكلة التي تسببت في تشويه متعمد للنسق العمراني ببلديات الولاية .
هذا، ودق ممثلو المجتمع المدني ناقوس الخطر بخصوص مشكل قضية توازن تنصيب المشاريع بتراب بلدية المشرية وتخصيصها في أماكن واحدة مقارنة مع توزيع السكان عبر كامل الجهات، لاسيما الجهة الغربية التي أصبحت عبارة عن شقق للمبيت فقط في الليل، نظرا لتواجد غالبية المشاريع التي لها علاقة بمتطلبات المواطن بالجهة الشرقية، ويرى ممثلو المجتمع المدني أن الوصول إلى إشكالية التنمية بالمنطقة وإيجاد حلول مناسبة يكمن في استغلال المرافق والموارد في جميع المجالات بما فيها تلك التي لها علاقة بالمواطن يوميا بغية جعل التنمية مستدامة على ربوع إقليم الولاية.
ابراهيم سلامي