أخبار العالم

الاستفتاء على الدستور يمثل إرادة التونسيين

6.5 بالمائة نسبة مشاركة الخارج باستفتاء تونس

رجح خبراء وسياسيون في تونس أن يحظى دستور البلاد الجديد بثقة الشعب، في الاستفتاء الذي جرى في البلاد يوم أمس، ويعد ركن الزاوية في رسم خريطة الطريق.

وبدأ التونسيون التصويت على دستور جديد مقترح، بعد عام بالتمام من إجراءات الرئيس قيس سعيّد بتعطيل عمل البرلمان الذي كان تحت سيطرة تنظيم الإخوان، وحل الحكومة.

وصرح الإعلامي والمحلل السياسي عادل البريني، إن الدستور الجديد جاء متوافقا مع مطالب فئات عريضة من الشعب التونسي ومعبرا عنها، بعد سنوات من الإهمال خاصة فيما يتعلق بالخدمات المقدمة للأقاليم.

وأوضح البريني، أن الدستور الذي يجري الاستفتاء عليه نجح في تجاوز أخطاء الدستور الماضي وتعديلها، ووضع آلية جديدة لنظام الحكم في البلاد تتفق مع رغبة الجمهور، كما قدم حزمة من الإصلاحات التشريعية تستهدف مكافحة الفساد وتحقيق التنمية الشاملة.

وحول دعوات المقاطعة التي أطلقتها حركة النهضة الإخوانية وكثفت العمل عليها، قال البريني إن هذه الدعوات لم تلق استجابة شعبية، ولم تقدم مبررات قانونية أو تشريعية للمواطنين، لكنها جاءت في إطار الخصومة الشخصية مع الرئيس، واستكمالا لحالة العداء التي تعيشها النهضة منذ إجراءات 25 يوليو 2021، وما تبعها من خطوات.

ومن جهة أخرى، يقول المحلل السياسي نزار الجليدي، إن انطلاق عملية الاستفتاء على الدستور في البلاد يمهد الطريق أمام خطوات أكبر نحو إقرار منظومة الإصلاح السياسي والمؤسسي.

وبحسب الجليدي، سيتجه التونسيون للتصويت بالموافقة على “الجمهورية الجديدة”، التي يصفها الجليدي بأنها ستكون من دون إخوان للمرة الأولى بعد 10 سنوات من حكم البلاد، شهدت تدني على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، مؤكدا أن الجميع يريد بناء تونس جديدة ولا يرغب بالعودة إلى سنوات ما قبل 25 جويلية.

ويصف الجليدي الاستفتاء، بأنه فرصة جديدة أمام التونسيون لطي صفحة الماضي، والتوجه نحو جمهورية جديدة خالية من الفساد والإرهاب والتدهور الاقتصادي وتردي المنظومة الخدمية.

وفي السياق ذاته، اعتبر الخبير القانوني حازم القصوري أن الدستور الجديد في البلاد بمثابة تصويت على الجمهورية الثالثة التي تتسم بقيم العدالة والمساواة والحريات ومراعاة المطالب الشعبية، وتوفير بيئة مناسبة وعادلة للمواطنين والمواطنات.

وتوقع القصوري أن ينحاز غالبية الشعب التونسي للموافقة على الدستور الجديد، الذي يقدم معالجة تشريعية قوية لكل النصوص التي كانت تمثل ثغرات قانونية في دستور 2014، الذي وضعه الإخوان لخدمة أغراض تتعلق بأجندتهم الخاصة خلال عشرية الحكم.

وفي وقت سابق، قال سعيّد إن الاستفتاء يمثل إرادة الشعب التونسي، وتعهد الرئيس التونسي بتحقيق مطالب التونسيين بالإصلاح ومكافحة الفساد، وأضاف سعيّد لدى الإدلاء بصوته في الاستفتاء على الدستور الجديد في تونس العاصمة: كل واحد منا يمتلك جزءا من السيادة، وعليه أن يمارس سيادته.

وأكد، أن النظام الرئاسي الذي يجري الاستفتاء عليه ليس بالصورة التي يصورها البعض، فهناك تقنيات من النظام البرلماني، لأن الحكومة مسؤولة أمام البرلمان، وقال الرئيس التونسي إن هناك “جهات سياسية” لم يسمها، تريد استنساخ نص في السابق بهدف تكرار نفس التجربة السابقة في تونس.

سيتم إعلان النتائج في 26 جويلية الجاري

انطلق الاستفتاء داخل تونس على الساعة السادسة من صباح يوم أمس حتى الساعة العاشرة ليلا في 4832 مركز اقتراع، حيث دعي نحو 9 ملايين و278 ألفا و541 ناخبا تونسيا إلى الاقتراع على مشروع الدستور، من بينهم 348 ألفا و876 ناخبا مسجلا بدوائر الخارج، و8 ملايين و929 ألفا و665 ناخبا داخل البلاد.

يأتي ذلك بالتوازي مع اليوم الثالث لتصويت التونسيين خارج البلاد -موزعين بين 47 دولة-، حيث يجرى الاستفتاء أيام 23 و24 و25 يوليو من الساعة الثامنة صباحاً حتى السادسة مساء حسب توقيت دول إقامة الناخبين.

ويعد مشروع الدستور الجديد من بين الإجراءات الاستثنائية للرئيس التونسي في 25 جويلية الماضي بعد إزاحة الإخوان من الحكم وإقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر المقبل.

وفي 30 جوان الماضي، طرح سعيد مشروع الدستور ثم أدخل عليه تعديلات شملت 64 مادة، ومطلع يوليو الجاري، انطلقت حملة الدعاية للاستفتاء وانتهت السبت الماضي، ثم دخل التونسيون أول أمس في يوم صمتٍ انتخابي تُمنع فيه الدعاية بمختلف أشكالها.

وسيتم إعلان النتائج في 26 جويلية الجاري، ثم يتم فتح باب الطعون والنظر فيها وبعدها تُعلن النتائج النهائية في الثلث الأخير من شهر أغسطس المقبل على أن لا تتجاوز الـ27 من الشهر نفسه.

ويتضمن المشروع الجديد للدستور 142 مادة، ويمنح سلطات واسعة لرئيس الدولة خلافا لدستور 2014 الذي كان ينص على نظام شبه برلماني.

إنهاء حقبة الإخوان

وحول أهمية الحدث، قال الصحفي التونسي، جمال بن عمر، إن بلادنا اليوم أمام مرحلة مفصلية في تاريخها، الرئيس قيس سعيد يسعى لدولة ذات سيادة وإنهاء كل الثغرات التي عملت على تنامي الإرهاب والفساد.

وأضاف بن عمر، أن “نعم”، تعني إنهاء عشرية الإخوان السوداء التي عثت فسادا في البلاد وعبثت بمصالح التونسيين، ووقف توظيف الدين في السياسة، ومن ثم فتح آفاق جديدة للشعب وللدولة.

واعتبر ذات المتحدث، أن هناك تحديات كثيرة تواجه الاستفتاء وأبرزها الدولة العميقة التي عملت الإخوان على غرس موالين لها في كل الوزارات وحتى البلديات الصغيرة، وستكون هناك محاولات من قبلهم للتشويش على الاستفتاء، كما نلاحظ على مواقع التواصل الاجتماعي عبر دعوة التونسيين لعدم المشاركة وكذلك دفع الكثير من الأموال في سبيل المقاطعة.

وحول أبرز التعديلات بالدستور الجديد، أوضح أن هناك تغييرات كبيرة تنهي وتصحح مسار 2014 الذي كان يخدم الإخوان وحلفاءها، سيكون هناك نظام رئاسي لتشمل صلاحيات الرئيس تعيين الحكومة والقضاة وتقليص النفوذ السابق للبرلمان، كما يخول له الدستور إقالة الحكومة دون أن يكون للبرلمان دور في ذلك، وأوضح أن المسألة التشريعية انقسمت بين مجلس نواب الشعب الذي ينتخب نوابه باقتراع مباشر لمدة خمس سنوات والمجلس الوطني للجهات ويضم ممثلين منتخبين عن كل منطقة على أن يصدر لاحقا قانون يحدد مهامه.

واعتبر ذات المتحدث، أن المجلس الجديد يندرج في إطار تصوّر الرئيس قيس سعيد للا مركزية القرار، وأن الحلول للمناطق المهمشة والتي تفتقد للتنمية يجب أن تطرح من قبل الأهالي.

ووفق رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، فإن نسب المشاركة في التصويت بالخارج خلال اليوم الأول في دائرة “فرنسا1” بلغت 1.9 في المائة وفي دائرة “فرنسا2” 1.8 في المائة، وفي دائرة ألمانيا 4.5 في المائة وفي دائرة بإيطاليا 1.2 في المائة، وفي دائرة الأميركيتين وبقية الدول الأوروبية بلغت 3.1 في المائة وفي دائرة العالم العربي وبقية العالم بلغت 2.9 في المائة.

وصرح بوعسكر، إن الجالية التونسية ستتجه بشكل كبير في اليوم الأخير من أيام الاقتراع، مشيرا إلى أنه لم يتم تسجيل أي إشكاليات كبرى وصعوبات في صفوف الجالية عند الاقتراع.

اتهامات بخروقات في استفتاء تونس

أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية، الإثنين، أن نسبة المشاركة في الاستفتاء على الدستور الجديد بلغت 6.32 بالمائة خلال 3 ساعات ونصف منذ فتح صناديق الاقتراع.

وانطلقت الإثنين، في تمام السادسة صباحًا عملية الاستفتاء على الدستور التونسي الجديد، وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها وسط حضور أمني لاستقبال المقترعين.

وخلال مؤتمر صحافي في العاصمة تونس، أكد رئيس الهيئة فاروق بوعسكر إن 564 ألفًا و753 ناخًبا شاركوا في عملية التصويت في الاستفتاء على الدستور إلى حدود الساعة التاسعة والنصف صباحًا بالتوقيت المحلي، واعتبر أن هذا العدد هام ومشجع ويؤشر على نسب إقبال ستكون محترمة في الساعات المقبلة.

تسجيل عدد من الخروقات

من جهتها، قالت منظمة “عتيد” الحقوقية التونسية إنه حصل تأخير في فتح العديد من مكاتب الاقتراع وفي قبول الناخبين وذلك لأسباب لوجستية.

كما أوضحت المنظمة أنه تم منع عدد من المراقبين من القيام بعملهم بسبب عدم طباعة بطاقات اعتمادهم من طرف الهيئة العليا للانتخابات، وطالبت المنظمة هيئة الانتخابات بالتدخل السريع وحلّ مشكلة المراقبين.

إقبال ضعيف وغياب للمراقبين

وأفاد المصدر، على القاسمي من أحد مكاتب الاقتراع بوسط العاصمة تونس أن عملية الاقتراع شهدت نسبة إقبال ضعيفة مقارنة بمحطات انتخابية سابقة.

وأظهرت الكاميرات غياب صفوف المواطنين أمام مراكز ومكاتب الاقتراع، حيث بدأ عدد قليل من المواطنين بالدخول للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء.

ولفت المصدر ذاته، إلى أن اللافت في هذا الاستفتاء هو غياب المراقبين، سواء الدوليين أو المحليين، مشيرا إلى أن عملية التصويت ستتواصل حتى الساعة العاشرة مساء بالتوقيت المحلي، لتتم بعد ذلك عملية الفرز ومن ثم صدور النتائج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى