تكنولوجيا

الإعلانات الاحتيالية في العصر الرقمي: كيف نحمي أنفسنا من الخداع الإلكتروني؟

في عالم رقمي يتسارع فيه انتشار المحتوى باستمرار، باتت ظاهرة الإعلانات الاحتيالية تشكل تهديداً حقيقياً للمستخدمين والمؤسسات على حد سواء، فتظهر هذه الإعلانات للمشاهد أو المتصفح عاجلة بعروض مغرية أو تعد بمكاسب فورية أو خدمات لا أساس لها من الصحة، لكن هذا الوهم يخفي وراءه خداعاً منظماً يهدف إلى سرقة المال أو المعلومات أو تأمين وصول غير مشروع إلى بيانات المستخدمين، ومن هنا تبرز الحاجة إلى تسليط الضوء على أبعاد هذه الظاهرة، وأساليبها، وكيفية التصدي لها بوعي وحزم.


 

ما هي الإعلانات الاحتيالية وكيف تعمل

تُعرف الإعلانات الاحتيالية بأنها تلك التي تعرض منتجات أو خدمات غير حقيقية أو مضلّلة، أو تدّعي مزايا غير موجودة، أو تصل إلى المستخدم عبر روابط توجهه إلى مواقع تختبئ خلفها نوايا خبيثة، ومن أهم سماتها أنها تعتمد على لغة تحثّ على اتخاذ إجراء سريع أو تقود المتلقي إلى إدخال بيانات شخصية أو مصرفية، أو دفع مبلغ مبدئي من أجل “الحصول على الربح”.

كما يتم تمييزها غالباً بعدم ذكر هوية شركة واضحة أو استخدام عنوان تجاري معتمد، أو أنها تتجه لاستهداف فئات ضعيفة الخبرة أو في ظروف توتر أو طارئة. ولعل دليلاً على الانتشار الهائل لهذه الظاهرة ما كشفه موقع إرشادي متخصص يقول: «من أبرز علامات الإعلان الاحتيالي المبالغة في الادّعاءات، وافتقاره إلى معلومات أساسية، واستخدامه لغة مخادعة أو عاطفية بدلاً من العقل».

ويركّز الخبراء على أن أدوات الاحتيال تطوّرت بشدة مع ازدياد الاعتماد على المنصات الرقمية، إذ إن الإعلان عبر محركات البحث أو داخل شبكات التواصل الاجتماعي أصبح وسيلة رئيسة للمحتالين، كما أوضح خبير تقني أنّ المحتالين «يصمّمون موقعاً مطابقاً للموقع الحقيقي، ثم يشترون إعلاناً عليه في محرك بحث، ويجعلون المستخدم يظن أنه يتعامل مع جهة رسمية، ثم يُطلب منه إدخال بطاقة البنكية».

 

الأخطار والعواقب والبيئة التي تسمح بانتشارها

تُعد الإعلانات الاحتيالية خطراً مزدوجا: أولاً على المستخدمين الأفراد الذين يفقدون أموالهم أو يُسرقون بياناتهم، وثانياً على الاقتصاد الرقمي والثقة العامة بمنصات الإعلان والتسويق. فمثلاً كشفت وثائق داخلية لشركة كبرى أن نحو 10بالمئة من إيراداتها قد تأتي من إعلانات مشتبه فيها بالاحتيال، ما يعكس حجم المعضلة.

كما أن بعض الحملات الاحتيالية تستهدف حتى العملية السياسية، فقد رصد تقرير لمجموعة مراقبة أن نحو 63 معلناً محتالاً أنفقوا ملايين الدولارات على إعلانات سياسية مزيفة عبر منصات الإعلام الاجتماعي، مستخدمين تقنيات حديثة مثل تزييف الفيديو والتلاعب بالرسائل، واستهدفوا خصوصاً كبار السن عبر وعود وهمية بمدفوعات حكومية.

الأمر لا يقتصر على المحتالين بمفردهم، إذ إن منظومة الإعلان الرقمية تساهم بطبيعة عملها في تسهيل وصول هذه الحملات إلى المستخدمين، إما بسبب ضعف الرقابة أو تأخر الاستجابة أو اعتماد آليات الربح التي لا تمنع المحتالين من الدفع لإعلاناتهم. وثائق كشفت أن الشركة لم تحظر المعلن إلا عندما بلغت نسبة التمكّن من تأكيد الاحتيال 95 بالمائة، وهي نسبة عالية تسمح بمرور مئات الحملات قبل التدخّل.

 

كيف نكتشفها ونحصّن أنفسنا منها

في خضم هذا الواقع، يصبح وعي المستخدم الفردي أول خط دفاع، فهناك مجموعة من العلامات التي ينبغي الانتباه إليها عند مشاهدة إعلان أو تلقي عرض عبر الإنترنت، منها:

الادّعاء بتحقيق مكاسب سريعة أو ضمان أرباح كبيرة بدون مخاطرة.

عدم وجود بيانات واضحة عن المعلِن أو الشركة أو العنوان أو ترخيص العمل.

استخدام عبارات تثير الخوف أو الطوارئ أو الحاجة الملحة لاتخاذ إجراء فوري.

طلب معلومات مالية أو بنكية أو تحويل مسبق قبل تقديم الخدمة أو المنتج.

الرابط يؤدي إلى موقع غير مألوف أو تظهر في شريط المتصفح علامات غير اعتيادية أو طلبات لتثبيت برامج أو إعطاء صلاحيات.

وتشمل النصائح العملية كذلك: التحقق من مصداقية العلامة التجارية والمعلِن، قراءة تجارب الآخرين والمراجعات، عدم دفع أي مبالغ مقدّمة بدون وثائق أو تأكيد قانوني، وتفعيل حماية الحسابات مثل المصادقة الثنائية، والتعامل بحذر مع العروض التي تبدو “كثيراً ما تكون مغرية أكثر من اللازم”.

على مستوى المنصات والشركات، تشير التوصيات إلى ضرورة تعزيز أنظمة الكشف والعزل الآلي للإعلانات الاحتيالية، تحسين آليات التحقق من المُعلِنين وتحديد المخاطر مبكراً، وتعزيز الشفافية أمام المستخدمين بشأن ما يتم اتخاذه لمعالجة هذه الظاهرة، وضمان ألا تكون هناك نسبة مقبولة من الإيرادات المرتبطة بالاحتيال كما كشفت بعض الوثائق.

 ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى