
تحيي بلدية فلاوسن بتلمسان ذكرى معركة فلاوسن الشهيرة، وهي إحدى المعارك الضارية بالمنطقة الغربي التي جرت وقائعها في 1957سنة، ولقّنت العدو الفرنسي درسا في البسالة على يد القوات الجزائرية بقيادة قادة استشهدوا بعد قتال دام وتعتبر معركة فلاوسن ملحمة تاريخية كبرى، سجلت أحداث المواجهة كأعنف المعارك التي خاضها جيش التحرير الوطني بالولاية الخامسة إبان الثورة التحريرية المباركة.
حيث سجل التاريخ بأحرف من ذهب أيام 16 إلى يوم 20 أفريل 1957، أين شهد جبل فلاوسن الشامخ إنتشار حشود ضخمة من قوات عساكر الإستعمار الفرنسي الغاشم لمواجهة وحدات كتائب جيش التحرير الوطني، ووقعت المعركة الملحمة بجبل فلاوسن الواقع بين بلديتي جبالة وندرومة بتلمسان. حيث يتميز الجبل بتضاريسه الصعبة لكونه يضم رؤوس قمم محدبة عالية ومتوسطة تتخللها منحدرات وعرة المسالك، كما تعرف أجزاء منه والمغطاة بالنباتات المتنوعة مع غابات وأشجار البلوط وجبل فلاوسن، حينها كان يضم عددا من المراكز أنشأها مجاهدو جيش التحرير الوطني وقد بلغ تعداد قوات جيش التحرير الوطني المشاركة في هذه المعركة الملحمة، حوالي 220 مجاهدا مسلحين ببنادق فردية آلية ونصف آلية وقنابل يدوية ومقابل ذلك قوات عساكر فرنسية بلغ تعدادها 30 ألف عسكري، مدججين بأسلحة متنوعة تمثلت في أسلحة فردية ومدافع رشاشة ومدافع ثقيلة زيادة إلى آليات من الدبابات والطائرات المقنبلة والطائرات العمودية، وقد تجمعت القوات الفرنسية القادمة من تلمسان ومغنية وندرومة والغزوات لمواجهة كتائب جيش التحرير الموزعة إلى أفواج صغيرة تتماشى وفق معايير التكتيك الإستراتيجي الجديد لجيش التحرير، الذي تقتضيه أساليب الحرب الخاطفة حيث إنتشرت وتمركزت بمنطقة المنشار، مما سمح لها برصد تحركات الجيش الفرنسي وتعمل على إستدراج العدو إلى منطقة عارية بعيدة عن الغابات على شكل نصف دائرة. وعرفت البداية توجيه سلاح المدفعية نحو فلاوسن لإمطار المنطقة بالقنابل مع إنزال جوي فرض طوقا عسكريا حولها، غايته ترمي إلى منع المجاهدين من الإنسحاب ليبدأ بعد ذلك الهجوم الشامل بمختلف الأسلحة الخفيفة والثقيلة، والذي تصدت له وحدات جيش التحرير في إشتباكات متفرقة، حيث تم القضاء على عدد من المظليين وقوات المشاة وتعطيل الآليات عند عبورها المسالك الملغمة، مما أفشل عملية اختراق صفوف المجاهدين مما جعل قوات العدو تتقهقر ما دفعها للمطالبة بالنجدة والإسعاف وإنتهت المعركة التي دامت الـ05 أيام كاملة، بحيث دفعت إلى إنسحاب العدو من الميدان بعد أن تكبدت قواته الهزيمة. وبالمقابل توجه المجاهدون نحو وادي السبع ومغنية وصبرة وأسفرت معركة فلاوسن عن خسائر الجيش الفرنسي الذي فقد أزيد من 600 جنديا قتلى و300 جندي جرحى، ليسارع العدو يوم الـ21 أفريل بسحب جثث قتلاه من المنطقة، حيث استغرقت عملية نقلهم بالطائرات يومين كاملين، كما عرفت المعركة استشهاد حوالي 105 مجاهدا وإصابة أكثر من 60 مجاهدا بجروح متفاوتة، وبعد هذه الهزيمة النكراء شرعت قوات عساكر العدو في الإنتقام من المدنيين عبر قنبلة مداشر وغابات المنطقة بنيران النبالم، فتم إعتقال المئات من السكان المواطنين، كما حولت منطقة فلاوسن إلى محتشد ومنطقة محرمة.
ع. جرفاوي