تكنولوجيا

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي عند استخدامه لإحياء أصوات الراحلين

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي .. لم يتوقع “دييغو فيليكس دوس سانتوس” أن يسمع صوت والده بعد رحيله. إلا أن تقنية الذكاء الاصطناعي أتاحت له ذلك من خلال رسالة صوتية قديمة أعاد عبرها محاكاة صوته بشكل مطابق تقريبا. هذه الحادثة التي بدت مؤثرة على المستوى الإنساني سرعان ما أثارت نقاشا أوسع. حول ما إذا كان من المشروع أخلاقيا استخدام صوت أو صورة شخص بعد وفاته دون موافقته المسبقة.


 

غياب الموافقة يثير التساؤلات

جوهر الإشكالية يتمثل في مسألة الموافقة. إذ إن الشخص المتوفي لا يملك القدرة على القبول أو الرفض. وإعادة إنتاج صوته أو صورته. يصبح قرارا أحاديا يتخذه أحد أفراد عائلته أو جهة تجارية. وهو ما يطرح علامات استفهام حول احترام إرادة الراحل، فهل يحق للأحياء تقرير مصير صورته بعد وفاته، أم أن ذلك يعد تجاوزا لحدود الخصوصية والكرامة الإنسانية.

 

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي .. بين العزاء والربح التجاري

تسوق بعض الشركات هذه التقنيات باعتبارها وسيلة لتخفيف الحزن وتمديد التواصل مع من غابوا، لكنها في الوقت ذاته تحقق أرباحا من الاشتراكات والرسوم، الأمر الذي يحول العزاء إلى منتج تجاري، ويثير مخاوف من استغلال حاجة الناس العاطفية لتحقيق مكاسب مالية، وفي حين يجد بعض الأفراد في التجربة متنفسا لتجاوز الفقد، يحذر مختصون من مخاطر نفسية تتمثل في إطالة الحزن أو إدامة التعلق بالماضي على حساب التكيف مع الحاضر.

 

الحاجة إلى أطر قانونية وأخلاقية

أمام هذا الواقع، يؤكد خبراء أن النقاش لم يعد تقنيا فحسب، بل صار مجتمعا وقانونيا بالدرجة الأولى، إذ إن الذكاء الاصطناعي يمنح الأحياء فرصة لإحياء الذكريات، لكنه قد يمس بكرامة من رحلوا، وهو ما يستدعي وضع ضوابط واضحة تنظم استخدام صورهم وأصواتهم بعد الوفاة، بحيث تُحترم إنسانيتهم ولا تتحول ذكراهم إلى سلعة قابلة للتداول.

إن تجربة “دييغو” فتحت الباب أمام قضية أعمق، فالتقنيات الجديدة لم تعد مجرد أدوات للابتكار، بل أصبحت تلامس صميم العلاقة بين الحياة والموت، وبين الخصوصية والاستغلال، لتبقى الإشكالية الكبرى قائمة: من يملك الحق في تمثيل الراحل بعد أن يغيب، وهل يمكن للتكنولوجيا أن تمنح العزاء دون أن تنتقص من الكرامة الإنسانية.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى